القانون التجاري (1) التجارة والقانون التجاري

Commercial Law

تقسيم نصوص القانون التجاري

دخل المغرب عهد التقنين منذ الحماية لتنظيم مختلف أوجه الحياة، ومنها أوجه النشاط التجاري والصناعي، حيث كانت جل القوانين مقتبسة من قوانين دولة الحماية وبعض الدول الأوربية، وفي عهد الاستقلال لوحظ قصور في إصلاح النظام القانوني، إلا أنه في السنوات الأخيرة تمت إعادة النظر في مجموعة من النصوص القانونية الأساسية المتصلة بالتجارة، ويمكن توزيع أجزاء القانون التجاري في محورين:

نصوص المؤسسة التجارية

يشمل القانون التجاري العام (مدونة التجارة)، وقانون الشركات (قانون شركات المساهمة، قانون باقي الشركات)، وقانون المحاسبة، وقانون الملكية الصناعية:

  • القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة (ظهير 1 غشت 1996): هي الأصل وتشمل القواعد القانونية المنظمة للعمل التجاري والتجار، جاءت في 737 مادة، وقسمت إلى 5 كتب:
  • الكتاب الأول: التاجر: شروط اكتساب الصفة التجارية، الأهلية التجارية، التزامات التاجر.
  • الكتاب الثاني: الأصل التجاري: تحديد العناصر المشكلة له، تنظيم العقود المتعلقة به.
  • الكتاب الثالث: الأوراق التجارية (الكمبيالة، السند لأمر، الشيك).
  • الكتاب الرابع: العقود التجارية.
  • الكتاب الخامس: معالجة صعوبات المقاولة: مسطرة الوقاية والمعالجة والتصفية في إطار صعوبات المقاولة.
  • القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة (ظهير 30 غشت 1996).
  • القانون رقم 5.96 المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة (ظهير 13 فبراير 1997)
  • القانون رقم 09.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها (ظهير 25 ديسمبر 1992) (القانون المنظم للمحاسبة: القواعد القانونية المنظمة لمهنة المحاسبين ولعمليات المحاسبية)
  • القانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية (ظهير 15 فبراير 2000) (قانون الملكية الصناعية: حماية الملكية التجارية والصناعية من براءات اختراع وعلامات تجارية، واسم تجاري، ورسوم ونماذج مبتكرة، وشارات جغرافية مميزة).

نصوص محيط المؤسسة التجارية

أهم مواضيع هذا الحور:
ـ قانون التأمين: تنظيم عقد التأمين ومؤسسات التأمين ومراقبة الدول عليها، والتأمينات الإجبارية، إحداث 2002 (مدونة التأمينات 3 أكتوبر 2002)، تعديل (05-39).
ـ القانون الضريبي: يحدد الضرائب المفروضة على المشاريع التجارية.
ـ قانون الأوراق التجارية: هي الشيك، الكمبيالة، السند لأمر، وبعض وسائل الأداء الأخرى.
ـ القانون البنكي: هو المتعلق بتنظيم العمل البنكي والعلاقة بالبنك ومسؤولية هذا الأخير، ومراقبة العمل البنكي وتنظيم مؤسسات التمويل.
ـ قانون مؤسسات الإئتمان: القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، إحداث 1993 (ظهير 6 يوليوز 1993)، تعديل 2006 (قانون 03-34).
ـ قانون السوق المالية (القيم المنقولة): إحداث 1993 (3 ظهائر بتاريخ 21 سبتمبر 1993: ظهير بورصة القيم + ظهير مجلس القيم المنقولة + ظهير هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة).
ـ قانون النقل: هو الذي ينظم مؤسسات النقل وعقد النقل ومسؤولية الناقل.
ـ القانون البحري: يشمل القواعد القانونية المنظمة للملاحة البحرية.
ـ القانون الجوي: يشمل القواعد القانونية المنظمة للملاحة الجوية (إحداث 1928).
ـ القانون الجنائي للأعمال أو قانون الجرائم الاقتصادية: يشمل الضوابط الزجرية المتعلقة بالمخالفات الاقتصادية مثل التهريب والمخالفات الجمركية وغيرها.
ـ مدونة الشغل: إحداث 2003 (11 سبتمبر 2003).
ـ قانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي: إحداث 1999 (5 فبراير 1999).
ـ قانون المحاكم التجارية: إحداث 1997 (12 فبراير 1997).
ـ القانون المتعلق ببعض السندات القابلة للتداول (إحداث 1995).
ـ بيع ورهن الأصل التجاري (إحداث 1915).
ـ قانون الملكية الصناعية والتجارية: إحداث 2000 (القانون 13.99 إنشاء المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية الصادر بتنفيذه ظهير 15 فبراير 2000)، تعديل وتتميم 2006 (05-31).
ـ قانون المنافسة: ينظم المنافسة الحرة بين المشاريع التجارية، إحداث 2000 (قانون حرية الأسعار والمنافسة 5 يونيو 2000).
ـ قانون الاستهلاك: هو المتعلق بحماية زبون المؤسسة التجارية، إحداث 2011 (قانون حماية المستهلك 18 فبراير 2011).
ـ قانون التوزيع: يحدد ضوابط توزيع المنتجات والسلع عن طريق الجملة ونصف الجملة والتقسيط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بحاجة إلى تأكيد لتنقل إلى أعلى:
ـ إنشاء وتنظيم المخازن العمومية (إحداث 1915).
ـ التجارة البحرية (إحداث 1919).
ـ البورصات التجارية والسماسرة العاملين لديها (إحداث 1920).
ـ شركات الأموال (إحداث 1922).
ـ الشركات ذات المسؤولية المحدودة (إحداث 1926).
ـ عقد التأمين البري (إحداث 1934).
ـ الشيك (إحداث 1939).
ـ كراء الأماكن المعدة للاستعمال التجاري والصناعي والحرفي (إحداث 1955).
ملاحظة:
هناك عدد مهم من النصوص الواردة في القانون الجنائي الخاصة بالعقاب على الجرائم المتعلقة بـ: الصناعة والتجارة والمزايدات العمومية (ف 287…292)، تزوير الأوراق المتعلقة بالتجارة والبنوك (ف 357…359)، إفشاء أسرار الصنع (ف 447).

مفهوم التجارة

المقصود بالتجارة (الأعمال التجارية)

ـ المدلول اللغوي الاقتصادي (ضيق): عمليات الوساطة بين المنتجين والمستهلكين.
ـ المدلول القانوني (واسع): عمليات الوساطة بين المنتجين والمستهلكين + عمليات التحويل الصناعي للمواد الأولية + بعض الخدمات (البنكية، التأمين، النقل، الإشهار).
تلك الأعمال تعتبر أعمالا تجارية تخضع للقانون التجاري، بينما الأعمال الزراعية والمهن الحرة والإنتاج الفكري وإجارة الخدمة والوظائف العامة، تعتبر أعمالا مدنية تخضع للقانون المدني وبعض القوانين الخاصة الأخرى (زواج، طلاق، بيع، كراء).

خصائص التجارة

الاعتماد على السرعة:
يؤدي إلى تبسيط إجراءات العقد التجاري ، وتداول الحقوق (تظهير الشيك والكمبيالة، الأسهم لحاملها)، وتسريع حصول الدائن المرتهن على حقه، وتقصير مدد تقادم الالتزامات التجارية.
الاعتماد على الائتمان (Le Crédit):
ـ يرتبط التجار فيما بينهم بعلاقات قوامها الثقة المتبادلة، فيكون كل منهم دائنا ومدينا في نفس الوقت. ذلك أن البنك يقرض الأموال (للتاجر أو غير التاجر)، والمصنع يبيع منتوجه للموزع أو لمصنع آخر، وتاجر الجملة يبيع لتاجر التقسيط… وذلك على أن يسدد الدين / الثمن في أجل معين. وهكذا.
ـ كافة أطراف العملية التجارية هم في حاجة إلى الائتمان لمزاولة نشاطهم (المنتجون، التجار، المستهلكون).
ـ تتعدد وسائل وتقنيات الائتمان التجاري، وأهمها: القروض، الإيجار الائتماني، السندات، عمليات شراء الفاتورات، الخصم، الكمبيالة، السند لأمر، افتراض تضامن المدينين، وتضامن المظهرين للكمبيالة…
ـ القانون التجاري يقرر جزاءات صارمة على الإخلال بهذا الائتمان تتمثل في قسوة الصرف على من يخل بالثقة الواجب توفرها في السند التجاري، وفي شدة نظام الإفلاس على التاجر الذي يتوقف عن أدا ديونه.

مفهوم القانون التجاري

تعريف القانون التجاري

فرع من فروع القانون الخاص يشمل مجموعة القواعد القانونية التي تنظم الأعمال التجارية والتجار.
ـ تنظم الأعمال التجارية: تنظم الأعمال التي تعتبر تجارية بطبيعتها (البنوك، السمسرة…)، سواء قام بها تجار فيما بينهم أو بينهم وبين زبنائهم.
ـ تنظم التجار: تحد حقوق والتزامات التجار، وتنظم بعض الأعمال التي تعتبر تجارية لكونها تتم بين تجار.
القانون التجاري هو قانون التجار والأعمال التجارية. وبذلك: يتحدد نطاق القانون التجاري في أشخاصه (التجار)، وفي أعماله (الأعمال التجارية) (م1).

مميزات القانون التجاري والقانون المدني

نظرا لتميز خصائص التجارة (العمل التجاري) فإن القانون التجاري يتميز عن القانون المدني بعدة مميزات.

على مستوى الحلول القانونية

في الكراء

الميدان/ القانون المدني

ـ لا يجوز تحويل المحل المكري إلى غير الغرض الذي خصص له في عقد الكراء (من السكن إلى مزاولة نشاط مهني).
ـ بانتهاء مدة العقد، يمكن للمكري أن ينهي التعاقد، شريطة احترام إجراءات معينة، ومن دون إلزامه بالتعويض.

الميدان/ القانون التجاري

ـ يمكن للتاجر أن يمدد تجارته إلى نشاط مقرب (مقهى يضيف إليه بيع المأكولات والحلويات)، بل ويمكنه في بعض الحالات، ووفق شروط معينة، تغيير تجارته بالكامل دون حاجة للحصول على موافقة المكري.
ـ بانتهاء مدة العقد، إذا لم يقبل المكري تجديد عقد الكراء، يكون ملزما بتعويض المكتري المتضرر عن الضرر الذي لحقه (فقدان الزبناء).

إثبات الالتزامات (المدنية/ التجارية)

الميدان/ القانون المدني

الإلتزامات المدنية يجب إثباتها بالكتابة إذا تجاوزت قيمتها 10.000 درهم (ف 443 ق.ل.ع المعدل م 5 ق 53.05 التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية).

الميدان/ القانون التجاري

الإلتزامات التجارية تخضع لحريات الإثبات، ما لم يتعين الإثبات بالكتابة بمقتضى القانون [بيع الأصل التجاري (م 81)، وتقديمه حصة في شركة (م 104)، ورهنه (م 108) ـ إنشاء الشركات التجارية باستثناء شركة المحاصة (م 11 ق شركات المساهمة، م 1/2 ق الشركات)]، أو الاتفاق.

ضمانات تسديد الديون

الميدان/ القانون المدني

• في الديون/ الالتزامات المدنية: ترجيح حماية مصلحة المدين.

• توقف المدين عن الدفع: يحتفظ المدين العادي بممتلكاته، وعلى الدائن أن يتابعه لمطالبته بالأداء والحجز على ممتلكاته، ما لم يكن له حق امتياز أو رهن أو حق الحبس عليها، حيث يكون له حق الأولوية في استيفاء دينه منها (ف 1241…1251 ق.ل.ع).

• تضامن المدينين: لا يفترض، ما لم يوجد اتفاق أو نص القانون بخلاف ذلك (ف 64 ق.ل.ع).

• إنذار المدين بالتنفيذ: في الحالات التي يجب فيها توجيه الإنذار، يجب أن يوجه كتابة إما بواسطة البريد المضمون أو بالطريق الرسمي عن طريق رؤساء المحاكم الابتدائية.

• نظرة الميسرة: يجوز للقاضي أن يمنح آجالا معتدلة للوفاء مراعاة لمركزه شريطة استعمال هذه السلطة في أضيق الحدود (ف 243 ق.ل.ع).

الميدان/ القانون التجاري

• في الديون/ الالتزامات التجارية: ترجيح حماية مصلحة الدائن.

• توقف المدين عن الدفع: يخضع المدين التاجر لنظام التسوية والتصفية القضائية (نظام التصفية الجماعية لديون التاجر المفلس يتم بمقتضاه غل يده عن إدارة أمواله قبل بيعها وسداد الديون من حصيلتها تحت إشراف القضاء).
⇐ سبب القسوة في الميدان التجاري هو أهمية الائتمان في التجارة.

• تضامن المدينين: يفترض: يعتبر التجار المدينين بالتزام تجاري متضامنين في ذلك الالتزام (م 335 م.ت)، ما لم يوجد اتفاق أو نص القانون بخلاف ذلك (ف165 ق.ل.ع).

• إنذار المدين بالتنفيذ: حسب المتفق عليه، الإنذار يمكن أن يتم بأية وسيلة سواء كتابية أو غير كتابية (رسالة، مكالمة)، ما لم يوجد نص يستوجب أن يتم بشكل خاص كما هو الحال عند عدم وفاء الكمبيالة أو الشيك أو السند لأمر.

• نظرة الميسرة: لا يجوز أن يمنح آجالا للوفاء، وإن كان م 556، 598 ق التجاري قد أخذ بنظام شبيه بنظام الميسرة في إطار معالجة صعوبات المقاولة.

معدل الفائدة

الميدان/ القانون المدني

  • اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل ومبطل للعقد ( ف 870 ق.ل.ع)، وفي غير ذلك لا تستحق إلا إذا اشترطت، واشتراطها مفترض فيما بين التجار (ف 871 ق.ل.ع).
  • تحتسب مبدئيا على أساس سنة كاملة، وكل اتفاق مخالف يعتبر باطلا.
  • في القرض المدني لا يجوز اشتراط إضافة الفوائد إلى رأس المال بحيث تصبح تنتج بدورها الفوائد (ف 874 ق.ل.ع).

الميدان/ القانون التجاري

  • تستحق من دون اشتراط (ف 871 ق.ل.ع)، وتعين بالاتفاق شرط ألا تتجاوز الحد القانوني (10%)، باستثناء الفوائد البنكية، لأنها تخضع لقانون العرض والطلب.
  • يجوز احتسابها بالشهر (ف 873 ق.ل.ع).
  • في الديون التجارية ذلك جائز شريطة ألا يكون ذلك إلا بعد انتهاء نصف سنة حتى ولو تعلق الأمر بالحسابات الجارية (ف 873 ق.ل.ع).
التقادم المسقط

الميدان/ القانون المدني

المعاملات المدنية: 15 سنة مبدائيا (ف 387 ق.ل.ع).

الميدان/ القانون التجاري

المعاملات التجارية: 5 سنوات مبدائيا (م 5 م.ت).

الأهلية (فاقد الأهلية وناقصها)

الميدان/ القانون المدني

فاقد الأهلية وناقصها يمنع من التصرف وحده في أمواله، وإذا أبرم عقودا أضرت به، فبإمكانه الحصول على إبطالها.

الميدان/ القانون التجاري

ـ فاقد الأهلية وناقصها يمنع من القيام ببعض الأعمال التجارية ولو بواسطة وليه الشرعي (الأوراق التجارية) نظرا لشدة الجزاءات التي يقررها قانون الصرف.
ـ يمكن لناقص الأهلية أن يشارك في بعض الشركات (شركات الأسهم، الشركات ذات المسؤولية المحدودة).

على مستوى التقنيات المستعملة

يستعمل القانون التجاري أغلب تقنيات القانون المدني، وعلى رأسها النظرية العامة للالتزامات، إلا أنه أوجد وطور بعض التقنيات الخاصة به، أهمها:

  • لا يهتم كثيرا لشخص المتعاقد: عيوب الإرادة والرضا مثلا يعتبر أمرا ثانويا في عدة أمور (الأوراق التجارية، التجارة الدولية، شركات الأسهم).
  • يهتم كثيرا للشكلية: اتسع التعامل بالعقود النموذجية (في الأعمال البنكية، التأمين، النقل…)، والسندات الشكلية (الأسهم، سندات القرض، شهادات الإستثمار، الكمبيالة، الشيك…)، حيث تتداول الحقوق المتصلة بها عن طريق تداول السند ذاته  التبسيط والسرعة والوضوح.
  • يأخذ بالأمر الظاهر: وذلك كفالة للائتمان التجاري، وإن كان لا يعكس الحقيقة/ ومن نتائج ذلك:
  • يضفي صفة تاجر على الممنوعين من ممارسة التجارة.
  • يعتبر الشركة الباطلة شركة واقع.
  • يحمل ملك الأصل التجاري الذي لا يقوم بشهر عقد التسيير الحر الواقع على ذلك الأصل مسؤولية الديون الناتجة عن تسييره الحر.
  • يحمل الشركة المسؤولية تجاه الغير عن تصرفات مسيريها التي تتجاوز حدود صلاحياتهم.
  • يعترف بحق حامل السند عليه لمجرد حيازته.
  • يعتمد على الشهر: حيث يشترطه في العديد من التصرفات القانونية التجارية (الشركات، الأصل التجاري)، وذلك عن طريق التسجيل في السجل التجاري والإعلان في الصحف المخصصة، وذلك لحماية حقوق الأغيار، والاقتصاد الوطني عامة. هذا وإن كانت السرية مشروعة أحيانا في الميدان التجاري (السر البنكي، الصناعي، الطرق التجارية وأسماء الزبائن والوضعية المالية للتاجر).
  • يحتاج إلى التطور باستمرار: إن عالم الأعمال يتطور باستمرار، وتتطور معه طرق وتقنيات التعاقد، ما يستلزم تأطيرا قانونيا ملائما.

مصادر القانون التجاري

المصادر التي يستند عليها القاضي للفصل في النزاعات التجارية، منها ما هو رسمي ومنها ما هو تفسيري.
عندما يتعلق الأمر بنزاع تجاري فإن الأولوية في التطبيق تكون للنص الآمر التجاري (القانون التجاري)، ثم القاعدة العرفية التجارية (العرف التجاري)، ثم النص الآمر المدني (القانون المدني). (((للقاعدة الخاصة الأولوية في التطبيق على القاعدة العامة))).

المصادر الرسمية للقانون التجاري

القوانين والأعراف والعادات التجارية، القانون المدني “ما لم تتعارض قواعده مع المبادئ الأساسية للقانون التجاري” (م 2 م.ت).

التشريع

هو أهم مصدر، وينقسم إلى: تشريع داخلي (القوانين التجارية، القوانين المدنية) ـ تشريع دولي (المعاهدات الخاصة بالتجارة الدولية).
القانون التجاري يشكل الشريعة الخاصة للأعمال التجارية والتجار، بينما القانون المدني يشكل الشريعة العامة للعلاقات المالية الخاصة (ينظم كافة الأعمال التي تتم بين جميع الأفراد مبدئيا). لذلك يستند القانون التجاري في العديد من مواضيعه إلى القانون المدني.
القوانين التجارية: تعتبر المصدر الأساسي الأول. وتشمل أساسا مدونة التجارة، ولقد عمل المشرع على سد الثغرات الكثيرة في مدونة التجارة بإصدار عدة تشريعات لها اتصال مباشر بالتجارة (أنظر تقسيم نصوص القانون التجاري*).
القانون المدني: يعتبر الشريعة العامة للقانون الخاص، وهناك بعض النصوص التجارية العامة التي توجد ضمن ق.ل.ع، تتعلق بأحكام الشركات (ف 982…1091)، الدفاتر التجارية (ف 433…438)، الإثبات في المواد التجارية (ف 448).
المعاهدات والاتفاقيات الدولية: تبرمها الدول لإرساء قواعد قانونية موحدة في مجالات معينة تلتزم بها الدول الموقعة في علاقاتها التجارية الدولية منعا لتنازع قوانينها الوطنية، وتتدخل بإحدى طريقتين:
ـ قد تكتفي بوضع القواعد الواجبة التطبيق في العلاقات التجارية الخارجية للدول الموقعة بحيث تظل العلاقات الداخلية خاضعة للقانون الداخلي:
+ اتفاقية فارسوفيا 1929 المتعلقة بالنقل الجوي.
+ اتفاقية جنيف 1956 المتعلقة بنقل البضائع عبر الطرقات.
+ اتفاقية بيرن 1890 المعدلة باتفاقية بيرن 1953 المتعلقة بنقل البضائع عبر السكك الحديدية.
ـ قد تضع قواعد تخضع لها كل العلاقات التجارية للدولة الداخلية والخارجية، حيث تتعهد الدول المتعاقدة بتعديل قانونها الداخلي وفق قواعدها:
+ اتفاقية جنيف 1930 المتعلقة بالكمبيالة والسند للأمر.
+ اتفاقية جنيف 1931 المتعلقة بالشيك.
+ اتفاقية نيويورك 1958 المتعلقة بالأعراف وتنفيذ قرارات هيئات التحكيم.
+ اتفاقية لاهاي 1964 المتعلقة بالبيوع الدولية للأشياء المنقولة.
+ اتفاقية “جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة” (ADPIC) الملحقة باتفاقية إحداث منظمة التجارة الدولية 1994.

العرف والعادات الاتفاقية التجارية

العرف التجاري

هو ما درج عليه التجار من قواعد في تنظيم معاملاتهم التجارية فترة طويلة من الزمن مع اعتقادهم بإلزاميتها وضرورة احترامها، وهي قواعد قانونية ملزمة شأنها شأن القواعد التشريعية، ومن أمثلة هذه القواعد: أجل تسليم المبيع إذا لم يعين في عقد البيع، عمولة السمسار في نسبة معينة من قيمة الصفقة إذا لم تحدد في عقد السمسرة.
العرف التجاري الداخلي: باعتبار العرف التجاري قانونا: يفترض علم القاضي به ولا يكلف الأطراف بإثباته أمامه، غير أنه يمكنه في حالة الشك أن يستعين بأهل الخبرة للتأكد من وجوده. ويخضع في أعماله لقواعده إلى رقابة المجلس الأعلى، حيث أن مخالفته لها يمكن الطعن فيها بالنقض أمام المجلس الأعلى.
العرف التجاري الداخلي: أنشط من العرف التجاري الداخلي بسبب النقص في توحيد القوانين الوطنية، مما يدفع بعض الهيئات المهنية الدولية إلى العمل على تنسيق القواعد المطبقة في المجالات التي تعمل بها (البنكي، النقل البحري، البيوع البحرية).
تعمل قواعده في مجال التجارة الدولية فقط وعلى الخصوص في المجالات غير المنظمة بمقتضى المعاهدات الدولية. ويلاحظ أن التحكيم يلعب دورا كبيرا في إرساء هذه القواعد خاصة وأن أغلب عقود التجارة الدولية تتضمن شرط التحكيم (اللجوء في حالة حصول نزاع إلى المحكمين التجاريين عوض المحاكم العادية)

العادات الاتفاقية التجارية

هي القواعد التي تتبع عادة في العمل التجاري من دون أن تكون ملزمة، فهي بمثابة شروط ضمنية في العقد تستمد قوتها الملزمة من سلطان الإرادة، إذ تستند على الإرادة الصريجة أو الضمنية للمتعاقدين التي تظهر من خلال ظروف العقد، وبالتالي:
+ يعمل بها ولا تستبعد إلا بنص صريح (في العقد) أو بإثبات أن إرادة المتعاقدين لم تتجه إليها.
+ يجب على من يتمسك بها أن يثبت وجودها، ولا يصح التمسك بها إلا إذا كانت عامة وثابتة وعادلة وغير مخالفة للنظام العام وحسن الآداب (ف 476 ق.ل.ع).
ـ هي كثيرة منها ما يتعلق ب: آجال التسليم، طريقة حزم البضاعة، العيب الخفي في البضاعة، المسؤولية.
ـ تقدير وجودها وتفسيرها يرجع إلى السلطة التقديرية لقاضية الموضوع لأن الأمر يتعلق بتفسير شروط العقد، وهذه مسألة واقع لا يخضع فيها لرقابة المجلس الأعلى.
ـ العادات الخاصة والمحلية ترجح على العادات العامة (م 3 م.ت).

المصادر التفسيرية للقانون التجاري

هي تلك المصادر التي يستأنس بها القاضي لإيجاد الحلول لما يعرض عليه من نزاعات تجارية، وهي غير إلزامية له أن يأخذ بها أو يهملها، وتتمثل في:

الاجتهاد القضائي

يتمثل في الأحكام والقرارات الصادرة عن مختلف المحاكم، وخصوصا المجلس الأعلى، والتي تتضمن اجتهادات إما تفسيرية للقوانين والأعراف أو مكملة لنقص فيها.

التحكيم التجاري

ـ التحكيم التجاري نظام اختياري للفصل في المنازعات التجارية تنصرف إله إرادة المتعاقدين إما صراحة أو ضمنا، بحيث يتفقون على أنه عند حدوث نزاع بينهم فإنه يتم عرضه على أنظار محكمين يتم تعيينهم في العقد.
ـ المحكمون أشخاص عاديون (تجار غالبا) وليسوا قضاة، يقرر لهم المتعاقدون سلطة الفصل في النزاع القائم بينهم، وليس مجرد الوساطة، بحيث أن حكمهم تكون له نفس قوة الحكم الصادر عن المحكمة، ينفذه الأطراف طواعية أو جبرا عن طريق استصدار الصيغة التنفيذية له من المحكمة العادية.
ـ نظم القانون التحكيم والوساطة الاتفاقية كوسائل بديلة للفصل في المنازعات في م 306…327 ق.م.م، كما جرى تعديلها بمقتضى ق 08.05 التحكيم والوساطة الاتفاقية.
ـ تفصل هيئة التحكيم في النزاع وفق القواعد القانونية التي يتفق عليها الأطراف، وإلا وفق القواعد القانونية التي ترى أنها أكثر اتصالا به، مع مراعاة الأعراف والعادات وما جرى عليه التعامل بين الطرفين. وإذا تراضى الطرفين على تخويل هيئة التحكيم صفة وسيط أمكنها أن تفصل فيه وفق قواعد الإنصاف والعدالة (ف 18، 327 ق.م.م).
ـ يلعب التحكيم دورا كبيرا في فصل النزاعات على مستوى التجارة الدولية، ولقد قامت غرفة التجارة الدولية بباريس بإنشاء محكمة للتحكيم تابعة لها تتولى بطلب من المعنيين تعين المحكمين وتسهر على إجراء عملية التحكيم وفق إجراءات وضوابط محددة مسبقا، كما أن هناك عدة هيئات للتحكيم الدولي تابعة لمنظمات دولية وجهوية أخرى منها المركز العربي للتحكيم التجاري التابع لمجلس وزراء العدل العرب.

الفقه التجاري

مصدر استثنائي مهم يتكون من آراء الفقهاء من كبار رجال القانون وأساتذة الجامعات والقضاة والباحثين المشتغلين بالقانون بصفة عامة، والذين يقومون باستخلاص الحلول وإبداء الآراء وبسط النظريات، وبشرح القواعد القانونية والأحكام القضائية والتعليق عليها، مما يزيل الغموض على النصوص ويساعد كلا من القضاء والمشرع على الاهتداء إلى الحل الأسلم للمشاكل القانونية القائمة: ينبه القضاة إلى جوانب النقص في النصوص القانونية ـ يعتمد عليه المشرع عند وضعه لنص أو تعديله.