المسؤولية

المسؤولية: وصف يلحق بمن يخالف الواجبات الملقاة على عاتقه (فعل ممنوع أو ترك واجب)، يلزمه بتحمل نتائج وعواقب مخالفته.

أنواع المسؤولية

 

المسؤولية

المسؤولية الأخلاقية والمسؤولية القانونية

المسؤولية الأخلاقية/ الأدبية:

وصف يلحق بمن يخالف قواعد الأخلاق، ويترتب عليه جزاء أدبي يتمثل في تأنيب الضمير أو استنكار الفعل من طرف عامة الناس.

المسؤولية القانونية:

وصف يلحق بمن يتسبب في ضرر للغير نتيجة مخالفة قواعد القانون، ويترتب عليه جزاء قانوني يحدده القانون.

المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية

المسؤولية الجنائية:

وصف يلحق بمن يرتكب جريمة من الجرائم التي نص عليها القانون ((لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص))، ويترتب عليه جزاء يتمثل في العقاب (الردع).

المسؤولية المدنية:

وصف يلحق بمن يتسبب في ضرر للغير نتيجة خطأ ارتكبه، أو نتيجة إخلال بالتزامات تعاقدية، ويترتب عليه جزاء يتمثل في التعويض (جبر الضرر).

المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية

المسؤولية العقدية: (مصدرها العقد/ الإرادة)

وصف يلحق بمن يتسبب في ضرر للغير نتيجة إخلال بالتزامات تعاقدية (الامتناع عن التنفيذ/ التنفيذ بصورة سيئة/ الانقطاع عن تنفيذ جزء منه) ((العقد شريعة المتعاقدين))، ويترتب عليه جزاء يتمثل في التعويض.

الفصل 263 ق.ل.ع: ” يستحق التعويض، إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام، وإما بسبب التأخر في الوفاء به وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب المدين “.
يشترط لقيام المسؤولية العقدية توافر 3 شروط:
ـ وجود عقد يربط بين المسؤول والمضرور.
ـ أن يكون العقد صحيحا (إذا كان باطلا، أو تم إبطالها، يمكن تطبيق قواعد المسؤولية التقصيرية –  إذا كان قابلا للإبطال، يظل منتجا لآثاره إلى أن يتم إبطاله).
ـ علاقة السببية بين الاخلال بالالتزام العقدي والضرر، وإلا تتحقق المسؤولية التقصيرية.

المسؤولية التقصيرية: (مصدرها العمل غير المشروع)

وصف يلحق بمن يتسبب في ضرر للغير نتيجة خطأ ارتكبه (الاخلال بالواجبات القانونية المفروضة على الجميع، والمتمثلة في عدم الاضرار بالغير، وإن لم يكن منصوصا عليها في القانون)، ويترتب عليه جزاء يتمثل في التعويض.

الفصل 77 ق.ل.ع: ” كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار، ومن غير أن يسمح له به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، الزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر “.

أركان المسؤولية (الخطأ والضرر وعلاقة السببية)

تقوم المسؤولية المدنية بتوافر 3 أركان (الخطأ والضرر وعلاقة السببية).

بينما الخطأ يكفي وحده لقيام المسؤولية الأدبية والمسؤولية الجنائية.

الخطأ

الخطأ هو الانحراف عن السلوك العادي*، مع التوفر على التمييز والإدراك. (دون قصد إحداث الضرر)، وعدم توفر أسباب التبرير والإباحة، يعتبر خطأ يوجب المسؤولية التقصيرية. (ف 78).

أنواع الخطأ

ينظر القاضي إلى الخطأ بحسب نوعه ودرجته عند تحديد نطاق المسؤولية وتقدير التعويض.

الخطأ العمدي والخطأ غير العمدي

الخطأ العمدي (الخطأ بتقصير)

يرتكبه الشخص عن بينة واختيار قاصدا الإضرار بالغير. يصفه ق.ل.ع بـ (خطأ جرمي/ جرم)، ويعبر عنه بـ (الفعل).

الخطأ غير العمدي (الخطأ بإهمال)

يرتكبه الشخص من دون قصد الإضرار بالغير، نتيجة الإهمال أو عدم الاحتياط. يصفه ق.ل.ع بـ (خطأ غير جرمي/ شبه جرم)، ويعبر عنه بـ (الخطأ).

الخطأ الايجابي و الخطأ السلبي

الخطأ الايجابي

فعل ما كان يجب الامتناع عنه (تجاوز السرعة).

الخطأ السلبي

ترك ما كان يجب فعله (عدم اشعال مصابيح السيارة ليلا).

الخطأ الجسيم والخطأ اليسير (درجات الخطأ ثلاثة)

خطأ جسيم

لا يرتكبه أكثر الناس إهمالا.

خطأ يسير

لا يرتكبه الشخص العادي في نفس الظروف الواقعية.

خطأ تافه

لا يرتكبه أكثر الناس ذكاء وحيطة وحذرا لكن قد يقع فيه الشخص العادي.

بعض فصول ق.ل.ع تشترط أن يكون الخطأ جسيما حتى يقال بأن هناك مسؤولية كالفصول 80 ـ 82 ـ 83.
لا يعتد بدرجة جسامة الخطأ في قيام المسؤولية، ولكن يعتد به عند تقدير التعويض (ف 98 ق.ل.ع).

أركان الخطأ

عل التعدي، مع التوفر على التمييز والإدراك.

الركن المادي (التعدي)

المحدد بـ: نص قانوني أو ضابط تنظيمي (الضرب، السرقة، السب، مخالفة ق. السير..)/ العادات (في الرياضات..)/ الانحراف عن السلوك العادي*.

الركن المعنوي (التمييز والإدراك)

توفر المخطئ على التمييز والإدراك الكافي ليعلم بأنه ينحرف عن السلوك العادي.

(الأهلية)

المسؤولية التقصيرية إما أن تكون كاملة أولا تكون، بينما المسؤولية الجنائية قد تكون ناقصة وقد تكون كاملة.

أسباب التبرير والإباحة

(أسباب التبرير والإباحة)

الضرر

الضرر هو الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له. وهذه المصالح تكون إما مادية أو معنوية. ومن ثم فإن الضرر يكون جسمانيا أو ماليا أو معنويا. ويشترط في الضرر حتى يعطي الحق للمضرور في طلب التعويض، أن يكون محققا، ناشئا عن الإخلال بمصلحة مشروعة، شخصيا.

أنواع الضرر

الضرر المادي

يصيب الشخص في جسمه أو ماله، فيسبب له خسارة مادية ( تلحق به ضررا، مصاريف إصلاح الضرر، حرمان من نفع) (ف 98 ق.ل.ع).

الضرر الجسماني

يصيب الجسم، فيسبب الألم، أو تكبد مصاريف العلاج أو الجنازة، أو العجز عن الكسب، أو الحرمان من التسلية و المتعة، أو تشويه الجمال.

الضرر المالي

يصيب المال، فيفقر الذمة المالية (حبس الماء عن حقل، حادث يصيب سيارة)، قد يكون مهنيا أو تجاريا، وقد يكون ناتجا عن منافسة غير مشروعة.

الضرر المعنوي

يصيب الشخص في كرامته (الألم نتيجة المس بشرفه أو سمعته أو اعتباره أو عرضه “سبه”)، أو عاطفته (الحزن نتيجة فقد أو تضرر عزيز عليه).

الضرر المرتد (ص 55)

يستوجب التعويض وفق أحكام المسؤولية التقصيرية بـ 3 شروط:
ـ فعل (الحادثة المميثة) يلحق ضررا أصليا (الوفاة) بشخص (المعيل الوحيد للأسرة).
ـ ينتج عنه ضرر مرتد قد يكون ماديا وقد يكون معنويا: مادي (الحرمان من النفقة) ، معنوي (الألم في الإحساس والعاطفة).
ـ يصيب شخص آخر تجمعه به علاقة معينة (القريب).

شروط الضرر

محققا

الضرر المحقق

هو المؤكد الوقوع الذي لا يمكن دفعه، وقع فعلا، أو مؤكد الوقوع في المستقبل (الضرر المستقبل). ونميز بين:

الضرر المستقبل

هو المؤكد الوقوع في المستقبل، فيتحقق سببه وتتراخى آثاره كلها أو بعضها إلى المستقبل، وهو في حكم المحقق ويوجب التعويض (العجز عن الكسب).

الضرر المحتمل

هو الممكن الوقوع في المستقبل، فقد يقع فيه وقد لا يقع، وهو غير محقق الوقوع ولا يوجب التعويض إلا إذا وقع فعلا (إصابة حامل واحتمال إجهاضها).
حالة حرمان الشخص من فرصة قد تعود عليه بالكسب (حرمان طالب من دخول الامتحان أو فارس من المشاركة في سباق)، البعض اعتبره ضررا محتملا، إلا أن بعض الفقه والقضاء المغربي اعتبره ضررا محققا يتمثل في الحرمان من حق، مما يوجب التعويض مع مراعاة القاضي عند تقدير التعويض لحظوظ الكسب المحتملة للمتضرر.
والمضرور هو الذي يتحمل عبء إثبات الضرر، وإثبات كونه محققا، بكل وسائل الإثبات، ما دام أنه يثبت واقعة مادية.

ناشئا عن الإخلال بمصلحة مشروعة

أي مصلحة يحميها القانون (وفاة الخليل، حرية شخص ألقي القبض عليه)، قد تكون مبنية على حق (الاعتداء على الحياة أو الجسم أو المال)، وقد لا تكون كذلك (قتل قريب يعول شخص لا تجب عليه النفقة، يرتب المساس بمصلحته المالية، إذا كانت فرصة استمرار ذلك محققة في المستقبل).

شخصيا

إن طلب أو دعوى التعويض شخصية لا يقيمها إلا المتضرر نفسه، أو ورثته أو نائبه الشرعي أو الوكيل باسم القاصر وناقص الأهلية والمحجور القانوني. أو الشخص الاعتباري كالنقابة والجمعية. والقاضي الذي ينظر في دعوى المسؤولية لايحكم بالتعويض إلا بناء على طلب من المتضرر.
وإذا تعدد المتضررون من فعل واحد غير مشروع كان لكل منهم الحق في الحصول على تعويض عن الضرر اللاحق به.

علاقة السببية

يقصد بها أن خطأ المدعى عليه هو السبب الذي أدى إلى حدوث الضرر للمدعي، ويكون التقدير لقاضي الموضوع في تحديد وجودها أو انتفائها.

تعدد الأسباب وتعاقب النتائج

حالة تعدد الأسباب

الضرر قد تتعدد الأفعال المتسببة في حدوثه، وقد تعود إحداها للمتضرر نفسه (شخص يتعرض إلى لكمة ثم حادثة سير ثم خطأ طبي)، فأيها يؤخذ به؟
ـ نظرية تكافؤ الأسباب (تعادلها): جميعها بالتساوي، (غير عادلة لاختلاف قوة الأسباب ودرجة اتصالها بالضرر).
ـ نظرية السبب المنتج (الفعال): فقط الأفعال التي تؤدي عادة إلى حدوث مثل هذا الضرر، ويبقى التقدير لقاضي الموضوع في الأخذ بالأسباب (اعتمدها ف 78 ق.ل.ع).

حالة تسلسل الأضرار أو تعاقب النتائج

عند تسلسل الأضرار الناتجة عن الفعل الواحد، يسأل المخطئ عن الضرر المباشر فقط (يبيع بقرة موبؤة، موت المواشي بالعدوى، العجز عن زراعة الأرض، سداد الديون… ـ سيارة تصدم شخصا فيصاب بجنون يدفعه للانتحار) (ف 77، 78، 98 المتعلق بالمسؤولية و ف 264 المتعلق بالالتزام).

نفي علاقة السببية

إذا ثبت الخطأ والضرر، تقوم مسؤولية المدعى عليه، ولا يتحلل الحارس منها إلا بنفيه علاقة السببية بين الخطأ و الضرر، بأن يثبت أن الضرر لم يكن نتيجة لخطئه وإنما كان لسبب أجنبي عنه لا يد له فيه (القوة القاهرة والحادث الفجائي/ خطأ المتضرر/ خطأ الغير).

القوة القاهرة والحادث الفجائي

حادث خارجي يستحيل توقعه أو دفعه فيؤدي مباشرة إلى حدوث الضرر، ولقيام حالة القوة القاهرة يجب أن تتوفر في الحادث 4 شروط:
ـ خارجي، أجنبي عن المدعى عليه لا يد له فيه.
ـ غير ممكن التوقع (عند إبرام العقد في المسؤولية العقدية، ووقت ارتكاب الفعل الضار في المسؤولية التقصيرية) (حادث فجائي).
ـ غير ممكن الدفع، أي أنه يستحيل على الشخص تجنب نتائجه استحالة مطلقة.
ـ هو السبب المباشر للضرر (علاقة السببية).

خطأ المتضرر

انحراف المتضرر عن السلوك العادي*، يؤدي إلى حدوث ضرر له، فيتحمل نفسه المسؤولية.

خطأ الغير

إذا أثبت المدعى عليه خطأ الغير أومن يتبعه أو يخضع لرقابته، انتفت عنه المسؤولية، واعتبر الغير مسؤولا وحده.

حالة الخطأ المشترك

ـ إذا اجتمع خطأ المدعى عليه (لا يقوم باللازم لمنع الضرر) مع الحادث الفجائي، يتحمل جزءا من المسؤولية (الراجح لدى الاجتهاد القضائي الفرنسي والمغربي).
ـ إذا اجتمع خطأ المدعى عليه وخطأ المتضرر، يمكن توزيع المسؤولية بينهما بنسبة تعادل خطورة خطأ كل منهما. حتى وإن كان المتضرر عديم التمييز (المجلس الأعلى).
ـ إذا اجتمع خطأ المدعى عليه وخطأ الغير المدخل في الدعوى، توزع المسؤولية بينهما بنسبة تعادل خطورة خطأ كل منهما، فإذا كان التوزيع غير ممكن، فيعتبران مسؤولين بالتضامن تجاه المتضرر.
ـ إذا اجتمع خطئان متميزان لشخصين، وتضرر كل منهما نتيجة لخطأ الآخر، كل منهما يتحمل مسؤولية خطئه تجاه الآخر حسب جسامته. فإذا استغرق خطأ أحدهما خطأ الآخر، انتفت مسؤوليته (يلقي بنفسه أمام سيارة).

=== * الانحراف عن السلوك العادي

يحدد القاضي توفر الخطأ وفق معيار موضوعي مجرد، بقياس درجة انحراف سلوك مرتكب الفعل أو الامتناع عن السلوك المألوف للشخص العادي اليقظ (الحذر المتبصر الذي يحتاط) الموجود في نفس الظروف الخارجية عامة للفعل الضار (الزمان، المكان، العناصر المادية الأخرى: حالة العجلات، خبرة السائق…)، دون الظروف الشخصية للمخطئ (انفعال، ضعف بصر، الحالة الاجتماعية)، والبدوي يقارن بالبدوي العادي والطبيب بالطبيب العادي…

آثار المسؤولية المدنية (التقصيرية / العقدية)

إذا ثبت توفر أركان المسؤولية (الخطأ، الضرر، العلاقة السببية)، تقوم المسؤولية المدنية، ويترتب عنها إلزام المسؤول بأداء التعويض، الذي يتم الإتفاق عليه بين الطرفين، وإلا فإن المتضرر يلتجئ إلى القضاء برفع دعوى المسؤولية.

دعوى المسؤولية

أطراف الدعوى (المضرور والمسؤول)

المدعي (المضرور)

ـ المضرور هو من له الحق في المطالبة بالتعويض بصفة شخصية.
ـ إذا كان قاصرا، يتولى رفع الدعوى نيابة عنه نائبه الشرعي.
ـ للورثة الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي، شرط أن يكون المضرور قد رفع دعوى المطالبة به قبل وفاته، إذ يصبح العويض ضمن عناصر التركة.
ـ إذا تعدد المتضررون، يحق لكل متضرر أن يطالب شخصيا بالتعويض عن الضرر اللاحق به، ولا يتأثر باقي المتضررون:
+ بالحكم المرتبط بأحدهم، ما لم يكن صادرا عن محكمة زجرية وصار مكتسبا لقوة الشيء المقضي به.
+ بحالة التقادم (سريان، انقطاع، توقيف) المرتبطة بأحدهم.

المدعى عليه (المسؤول)

ـ إذا كان ناقص الأهلية أو عديمها، ترفع في مواجهة النائب القانوني.
ـ إذا توفي المسؤول وجهت الدعوى إلى ورثته أو أحدهم (الفصل 105 ق.ل.ع).

الإختصاص

الاختصاص النوعي

يحدد الاختصاص النوعي حسب مبلغ التعويض المطالب به وفق القواعد العامة للتقاضي.

الاختصاص المحلي

ترفع الدعوى أمام محكمة موقع الفعل الضار، أو موطن المدعى عليه، حسب اختيار المتضرر.

الإثبات

حسب القواعد العامة، فإن عبء إثبات الالتزام يقع على الدائن (المدعي)، وعبء إثبات البراءة منه يقع على المدين (المدعى عليه). وعليه، فإن الدائن (المدعي) يلزم بإثبات أركان المسؤولية (الخطأ، الضرر، العلاقة السببية). ويتعلق الأمر بوقائع مادية يثبتها المتضرر بكافة وسائل الإثبات بما في ذلك البينة والقرائن.

إثبات المسؤولية

القائمة على خطأ واجب الإثبات: يلزم الدائن بإثبات الضرر والخطأ والعلاقة السببية.
القائمة على خطأ مفترض: (مسؤولية المعماريين، الناقلين عبر البر) يلزم الدائن بإثبات الضرر فقط.
يضاف + يلزم الدائن بإثبات وجود عقد صحيح (في المسؤولية العقدية).

نفي العلاقة السببية

إذا تبث الخطأ والضرر تقوم المسؤولية العقدية في جانب المسؤول، ولا يتحلل منها، إلا بنفي علاقة السببية بين الخطأ والضرر بإثبات وجود سبب أجنبي لا يد له في (القوة القاهرة أوالحادث الفجائي/ خطأ المتضرر). (الفصل 268 ق.ل.ع).
ويتحقق السبب الأجنبي بتوافر أمرين (للمدين دخل في وجوده ولو تعذر عليه ايقافه + يؤدي الى استحالة التنفيذ أو تأخيره).

التعويض

التعويض هو وسيلة لجبر الضرر.

صور التعويض

صور التعويض من حيث شكله (العيني وبمقابل)

ــــ التعويض العيني

يكون التعويض عينيا متى تضمن الحكم (بإعادة الحال إلى ما سيكون عليه لو لم يحصل الخطأ)
هو الأصل في المسؤولية العقدية، بينما في المسؤولية التقصيرية لا يحكم به إلا في حالات استثنائية، لأن الأصل فيها هو التعويض النقدي.
لا يمكن اللجوء إليه إلا إذا كان ممكنا، وغير مرهق للمدين.
يكون مستحيلا في الضرر المعنوي، وبالتالي، لا يحكم فيه إلا بالتعويض بمقابل.

ــــ التعويض بمقابل

يكون إما نقديا أو غير نقديا
التعويض النقدي: يكون التعويض نقديا متى تضمن الحكم (بدفع مبلغ من المال للدائن).
يتم اللجوء إليه متى عذر الحكم بالتعويض غير النقدي، وهو الصورة الغالبة في المسؤولية التقصيرية، ويصلح لجبر الضرر المادي والمعنوي.
ويجب أن يكون متناسبا مع حجم الضرر ودرجة خطورته وليس درجة خطورة الخطأ، مع مراعاة الفصل 98 ق.ل.ع الذي يقضي بتقدير الضرر بكيفية مختلفة، حسب ما إذا كان تناتجا عن خطأ المدين أو تدليسه، لذلك يرفع مبلغ التعويض إذا كان الخطأ جسيما أو عمديا، ويخفف إذا كان يسيرا او غير عمدي.
التعويض غير النقدي: هو نوع خاص تقتضيه الظروف في بعض الصور حيب نوع الضرر، وله عدة صور (الحكم بمصروفات الدعوى، مبلغ رمزي، نشر الحكم في الصحف المحلية على نفقة المسؤول…)
يغلب الحكم به في الضرر المعنوي دون الضرر المادي.

صور التعويض من حيث الجهة المحددة له (الإتفاقي والقضائي والقانوني)

ــــ التعويض الإتفاقي

في المسؤولية العقدية: يمكن تحديد التعويض اتفاقا من طرف طرفي العقد، بحيث يصبح مستحقا بمجرد إخلال أحدهما بتنفيذ التزامه (إدراج شرط جزائي في العقد يتم إعماله بمجرد تحقق سببه).
في المسؤولية التقصيرية: الاتفاق على تعديل احكامها (التشديد، التخفيف، الإعفاء)، يكون باطلا إذا تم قبل توافر المسؤولية، ويكون صحيحا إذا تم بعد توافرها.

ــــ التعويض القضائي

من الإيجابي إعطاء القاضي سلطة تقديرية للحكم بما يراه مناسبا في الدعوى المدنية، خاصة بالنسبة لدعاوى التعويض. إلا ان المشرع المغربي يميل إلى تقييد هذه السلطة من خلال التحديد القانوني للتعويض (التعويض القانوني) في عدة مجالات قانونية.

ــــ التعويض القانوني

قد ينص المشرع على طريقة خاصة للتعويض أو يبين حدود تقدير التعويض (تحديد التعويضات الناتجة عن حوادث السير وحوادث الشغل).

تقدير التعويض

إن القاضي في تحديده للتعويض ملزم بأن يراعي عدة إعتبارات:

وقت تقدير التعويض

قد تتفاقم درجة خطورة الضرر وقد تخف من يوم وقوعه إلى يوم صدور الحكم، فما هو التاريخ الذي يجب الأخذ به؟
يجب تقدير التعويض مع مراعاة الأسعار السائدة وقت صدور الحكم. وفي بعض الحالات الاستثنائية يمكن المطالبة بالزيادة في التعويض إذا تبث بشكل ملحوظ تفاقم الضرر، كما أن المضرور الذي تفاقمت إصابته لح الحق في أن يطالب بتعويض آخر عن الإصابة النتاجة عن الإصابة الأصلية، شرط أن يقدم دعوى جديدة

نطاق التعويض

التعويض يجب ان يشمل كل الضرر الذي لحق بالمضرور سواء كان ضررا ماديا او معنويا.
في المسؤولية التقصيرية: يتم التعويض عن الضرر المباشر المتوقع وغير المتوقع.
في المسؤولية العقدية: لا يعوض إلا عن الضرر المتوقع.
يشمل التعويض الخسارة التي لحقت المضرور وما فاته من كسب بسبب الضرر (الفصل 98 ق.ل.ع).

ــــ

ويجب على القاضي عند تقديره للتعويض ان يأخذ بعين الاعتبار مدى جسامة الخطأ وفق الفصل 98 ق.ل.ع، الذي أكد أن على المحكمة ان تقدر الأضرار بكيفية مختلفة حسب ما تكون ناتجة عن خطأ المدين أو عن تدليسه.

إشكاليات في المسؤولية المدنية

اشكالية الوحدة والازدواجية في نظام المسؤولية المدنية

انقسم الفقه والقضاء الى اتجاهين:

الاتجاه 1 (وحدة المسؤولية)

المسؤولية المدنية واحدة، سواء كانت عقدية أو تقصيرية، لأن لهما آثار متشابهة، ولا يتحققان إلا بتوافر 3 عناصر: الخطأ، الضرر، علاقة السببية.

الاتجاه 2 (ازدواجية المسؤولية)

يوجد نظامين للمسؤولية المدنية، نظام ذا مصدر عقدي، ونظام ذا مصدر تقصيري، ولكل منهما نطاق خاص به، واحكام مستقلة تميزها.

الاتجاه التوفيقي

توجد مسؤولية واحدة لها نظامين، هما النظام العقدي والنظام التقصيري. ليس مستقلين، وإنما كل منهما يتميز ببعض الاحكام والخصوصيات.

اشكالية الجمع والخيار/ تزاحم المسؤوليتين العقدية والتقصيرية

قد تتوفر في الفعل الواحد شروط المسؤوليتين معا، مما يطرح مسألة الجمع بين دعويين عقدية وتقصيرية في وقت واحد، أو إمكانية الخيار بينهما لما فيه مصلحة الطرف المضرور. وذلك عند سقوط حقه في إثارة دعوى المسؤولية العقدية، وهل بإمكانه تحريك دعوى المسؤولية التقصيرية كدعوى احتياطية؟

المسألة 1: الجمع بين المسؤوليتين

اتفق غالبية الفقه والقضاء على عدم جواز رفع دعويين والجمع بين تعويضين عن ضرر واحد، لأنه يؤدي إلى الاثراء بلا سبب للمضرور.

المسألة 2: الخيار بين المسؤوليتين

انقسم الفقه والقضاء الى اتجاهين:

الاتجاه 1 (قبول الخيار): يمكن للمضرور أن يتنقل بين الدعويين العقدية والتقصيرية، شرط أن لا يكون الهدف من ذلك هو الجمع بين تعويضين من أجل ضرر واحد.
الاتجاه 2 (رفض الخيار): لا يمكن للمضرور أن يختار بين الدعويين العقدية والتقصيرية، ذلك لأن المسؤولية التقصيرية لا يلتجأ إليها إلا في غياب العقد، بينما المسؤولية العقدية تترتب عن إخلال بالتزام عقدي، والعقد شريعة المتعاقدين، وبالتالي، لا يجوز المساس بقواعد المسؤولية العقدية. وهو الرأي الذي أخذ به القضاء المغربي.