الطلبات الأصلية والعارضة والتدخل
تعريف وشروط وآثار الطلب
تعريف الطلب
الطلبات هي الإجراءات الذي يتقدم بها شخص أمام القضاء، لحماية حق من حقوقه باستصدار حكم بما يدعيه. وتنقسم إلى طلبات أصلية وطلبات عارضة.
شروط الطلب
يشترط أن تؤدى عنه الرسوم القضائية، ما لم يكن مشمولا بالمساعدة القضائية.
آثار الطلب
يترتب على الطلب النتائج التالية:
+ إلزام المحكمة/ القاضي بالفصل فيه والبث في كل مواضيعه (الدين + الامتياز ـ الثمن + التعويض) سلبا أو إيجابا، وإلا عرض نفسه لجريمة إنكار العدالة، وحكمه للطعن.
+ نزع الاختصاص للحكم فيه من سائر المحاكم المختصة به.
+ قطع التقادم الذي بدأت مدته في السريان ولو صدر في الدعوى حكم بعدم الاختصاص.
+ إنذار المدعى عليه واعتباره في حالة مطل بالنسبة لتنفيذ الالتزام المطلوب الحكم به.
+ الحق المدعى به يصبح منازعا فيه (حوالته تبطل ما لم تتم بموافقة المدين)، قابلا للانتقال إلى الورثة.
أنواع الطلب
الطلب الأصلي
هو الطلب الذي يقدم وتفتتح به الدعوى (الخصومة) التي يرفعها المدعي/ صاحب الحق في مواجهة المدعى عليه باعتدائه على حقه أو منازعته فيه. يقدم في شكل مقال إفتتاحي أو تصريح وفق ف 31، 32 ق.م.م. ويتكون من 3 عناصر:
الأطراف:
المدعي/ الطالب (شروط: الأهلية، الصفة، المصلحة) ـ المدعى عليه/ المطلوب في الدعوى: (شخص ضد شخص: طبيعي/ معنوي، معينا، ليس ضد كل الناس، أو ضد مجهول، على عكس المادة الجنائية).
الموضوع:
القرار المطلوب استصداره من القضاء (لإلزام المدعى عليه بالقيام بعمل أو الإمتناع عن عمل، إقرار حق أو حمايته).
السبب:
هو مجموع الوقائع التي يستند إليها المدعي في تأسيس طلبه/ إدعائه، ويجب أن يكون قانونيا ومشروعا وإلا كان مآله الرفض. ويتمثل في: القانون، الإرادة المنفردة، العقد، العمل غير المشروع، والإثراء بلا سبب. (المدعي الذي يستند في إدعائه إلى سبب ما ويخسر إدعاءه لا يمكنه تجديده إلا بالاستناد إلى سبب آخر).
الطلب العارض
هو الطلب الذي يقدم أثناء النظر في الدعوى (إبان جريان المسطرة وإلى حين إقفال باب المرافعة واعتبار القضية جاهزة للحكم فيها)، أمام ذات المحكمة وفي نفس النزاع.
يتم النظر فيه في نفس الوقت مع الطلب الأصلي، وبحكم واحد، ما لم يكن الطلب الأصلي جاهز للحكم فيه، أو من شأن تأجيل البت فيه إلى حين النظر في الطلبات العارضة أن يطيل الإجراءات ويطيل المدد. وهو إما إضافي أو جوابي أو تدخل.
الطلب الإضافي
هو الطلب الذي يوجهه المدعي، بهدف تأكيد الطلب الأصلي/ تصحيحه/ تعديله/ تكميله. يقدم في شكل مقال أو تصريح وفق ف 31، 32 ق.م.م ـ حالاته في الفقه والقضاء:
ـ الطلب الإضافي لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى (ملكية ارتفاق مرور > ملكية مشتركة للطريق).
ـ الطلب المتضمن لإضافة أو تغيير في سبب الدعوى، مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله (الإبطال للتدليس > للإكراه).
ـ الطلب المكمل للطلب الأصلي أو المترتب عليه أو المتصل به بصورة لا تقبل التجزئة (أصل الدين + الفوائد).
ـ طلب الأمر بإجراء تحفظي أو وقتي فيما تختص به محكمة الموضوع / قاضي المستعجلات.
تمييزه عن الطلب الإحتياطي: بإمكان المدعي أن يتقدم في مقال واحد بطلبات أصلية (إتمام البيع)، وطلبات إحتياطية (فسخ العقد والتعويض عن الخسارة). حتى يتمكن المدعي من الإستجابة والبت في أحد طلباته. غير أن بت المحكمة في الطلبات الأصلية يغني عن نظرها في الطلبات الإحتياطية.
الطلب المقابل أو المضاد أو الجوابي
هو الطلب الذي يوجهه المدعى عليه، بهدف دفع مزاعم المدعي ورد إدعاءاته. يقدم في شكل مقال مضاد أو مذكرة جوابية في المسطرة كتابية. ويترتب عليه تغيير صفات أطراف الدعوى، فيصبح المدعى عليه مدعيا، والمدعي مدعى عليه، مما يؤثر على قواعد الإثبات ـ حالاته في الفقه والقضاء:
ـ طلب المقاصة القضائية.
ـ طلب الحكم للمدعى عليه بتعويض الأضرار التي أصابته من الدعوى الأصلية أو من إجراء أتخذ فيها.
ـ طلب عدم الحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو الحكم بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه (طلب تنفيذ عقد # طلب بطلانه).
ـ الطلب المتصل بالدعوى الأصلية بصلة لا تقبل التجزئة (ملكية # ملكية).
التدخل
المتدخل هو الذي يصبح طرفا في الدعوى، ويسري الحكم في مواجهته، ويثبت له بناء على ذلك الحق في الطعن في ذلك الحكم وفق الطرق القانونية.
التدخل الإختياري
هو الطلب الذي يتقدم به شخص في دعوى ليس طرفا فيها، يطلب بمقتضاها اعتباره طرفا فيها للدفاع عن حقوقه التي قد تضار من الحكم الذي سيصدر فيها. وهو نوعان:
1 ـ التدخل التحفظي أو الإنظمامي: المتدخل يرمي الإنظمام لأحد الأطراف لمساندته / مراقبة الإجراءات المتخذة. ويترتب عليه اعتباره طرفا في الدعوى، وبالتالي:
عليه أن يتقدم بطلبات توافق طلبات الطرف الذي انظم إليه + يتأثر بموقفه.
2 ـ التدخل الأصلي أو الهجومي: المتدخل يرمي الإدعاء بحق (المدعى به / مرتبطا به)، شرط المصلحة والارتباط. ويترتب عليه اعتباره طرفا في الدعوى كمدعي، وبالتالي:
لا يجوز له الدفع بعدم الاختصاص + يتقدم بطلبات مستقلة > حكم مستقل + تدخله لا يتأثر بعدم قبول الدعوى الأصلية + إذا خسر تدخله تحمل مصاريف الدعوى كلها.
التدخل الجبري / الإختصامي
هو تكليف شخص خارج عن الخصومة بالدخول فيها رغما عنه بطلب من أحد الخصوم أو بأمر من المحكمة. وهو نوعان:
1 ـ التدخل الجبري بطلب من أحد الخصوم (المدعي / المدعى عليه، باعتباره ضامنا له / المتدخل).
2 ـ التدخل الجبري بأمر من المحكمة (أمثلة: لو توفي شخص أو طرأ تغيير في أهليته وأمرت المحكمة بإدخال من لهم الصفة في مواصلة الدعوى مال لم تكن جاهزة للحكم ـ لو تطلبت الدعوى الإطلاع على وثائق ومستندات في حوزة شخص ليس طرفا في الدعوى).
الدفوع الشكلية والدفوع الموضوعية والدفوع بعدم القبول
تقديم
الدفوع هي الوسائل التي يستعملها المدعى عليه أمام القضاء، للدفاع عن نفسه أو ماله بتجنب أو تأخير صدور حكم عليه.
لا تستوجب شرط الرسوم القضائية، ولا يترتب عليها إلزام المحكمة بالبت، وتقتصر على دفع ادعاء المدعي فحسب مع إبقائه لمركزي الطرفين على حالهما دون تغيير.
ف 49 ق.م.م: إثارة الدفع بالإحالة، والدفع بعدم القبول، والدفع بالبطلان والإخلالات الشكلية والمسطرية التي لا يقبلها القاضي، يلزم أن يتم قبل الدفوع الموضوعية وإلا سقط الحق في ممارستها. ما لم تكن مصالح الطرف قد تضررت فعلا. (ف 49 ق.م.م).
أنواع الدفوع
الدفوع 3 أنواع: الدفوع الشكلية. الدفوع بعدم القبول. الدفوع الموضوعية.
الدفوع الشكلية
الدفوع الشكلية دفوع تتعلق بمسطرة الدعوى وإجراءاتها.
هي الوسائل التي يستعملها المدعى عليه ويطعن بمقتضاها في صحة إجراءات الخصومة بهدف تعطيل البث فيها أو إنهاؤها بحكم لا يمس جوهر النزاع، فيتفادى بها مؤقتا الحكم عليه بمطلوب خصمه (طلب أجل لإدخال ضامن). أهم أنواعها:
الدفع بعدم الاختصاص
درسناه في “علاقة الاختصاص بالنظام العام” ضمن “اختصاص المحاكم”.
الدفع بالإحالة (ف 109 ق.م.م)
ف 109: “إذا سبق أن قدمت دعوى لمحكمة أخرى في نفس الموضوع أو إذا كان النزاع مرتبطا بدعوى جارية أمام محكمة أخرى أمكن تأخير القضية بطلب من الخصوم أو من أحدهم”.
منع المحكمة من الفصل في الدعوى المطروحة وإحالتها إلى محكمة أخرى إما لقيام ذات النزاع أمام المحكمة الاخرى وإما لارتباط الدعويين.
يثيره الأطراف، ولا تثيره المحكمة تلقائيا (يجوز للأطراف أو لأحدهم أن يطلبوا الإحالة إلى المحكمة المختصة).
الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى:
عندما يتقدم المدعي برفع دعوى أمام أكثر من محكمة تختص فيها (تعدد المدعى عليهم مع اختلاف موطن كل واحد منهم ـ محكمة المدعى عليه ومحكمة موقع العقار).
الشروط: دعويين متعلقتين بنفس الموضوع (استحقاق عقار ≠ التعويض عن التعدي على ملكيته)، لنفس السبب ونفس الأطراف وصفاتهم، تجريان في نفس الوقت. مرفوعتين أمام محكمتين مغربيتين (مالم توجد اتفاقية مع محكمة أجنبية) رسميتين (≠ التحكيم) مختصتين، مختلفتين، من نفس النوع (الابتدائية ≠ الإدارية ـ المحكمة ≠ رئيس المحكمة).
الدفع بالإحالة للارتباط:
حالة الإرتباط هي وجود صلة وثيقة بين دعويين تنظر فيهما محكمتين من نفس الدرجة > جمعهما في محكمة واحدة تقضي فيهما بحكم واحد.
تقدير حالة الإرتباط: السلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
الشروط: دعويين قد تكونان متعلقتين بنفس الموضوع والسبب والأطراف، إلا أن ذلك ليس لازما ( تنفيذ العقد ≠ بطلان العقد أو فسخه). مرفوعتين أمام محكمتين مغربيتين رسميتين مختصتين (عدم التعرض على اختصاصها المحلي في الوقت المناسب يجعلها مختصة)
الدفع بالضم (ف 110 ق.م.م)
ف 110: “تضم دعاوى جارية أمام محكمة واحدة بسبب ارتباطها بطلب من الأطراف أو من أحدهم وفقا لمقتضيات الفصل 49”.
الحالة التي تقدم فيها دعويان أو أكثر مرتبطة بعضها ببعض إلى نفس المحكمة.
يشترط إثارة الدفع بالضم من طرف الأطراف أو أحدهم، وهو ليس من النظام العام.
للقاضي سلطة تقديرية واسعة في تقدير واقعة الارتباط، ولا يخضع لرقابة المجلس الأعلى، إلا أنه ينبغي أن يبين الدواعي التي دفعته إلى تقرير الارتباط من عدمه.
الدفع ببطلان المسطرة (الدفع بحالات البطلان والإخلالات الشكلية والمسطرية)
ف 49 ق.م.م: “… يسري نفس الحكم بالنسبة لحالات البطلان والاخلالات الشكلية والمسطرية التي لا يقبلها القاضي إلا إذا كانت مصالح الطرف قد تضررت فعلا”.
حالات البطلان:
هي الحالات المنصوص على البطلان فيها صراحة (خرق مقتضيات المسطرة)، ويرى البعض انها تشمل كذلك كل الحالات التي يتخلف فيها إجراء جوهري يتعلق بالنظام العام ولو لم ينص المشرع صراحة على بطلان تخلفه. مثاله:
بطلان استدعاء الحضور للجلسة (المسافة بين الإستدعاء والجلسة وفق ف 40 ق.م.م).
الاخلالات الشكلية:
إغفال الإشارة إلى بيان أو مسألة شكلية يستلزمها المشرع. مثاله:
إغفال وتخلف للبيانات الشكلية التي يستلزمها القانون في الدعاوي.
عدم احترام قواعد التبليغ وفق ف 37، 38، 39 ق.م.م .
الإخلال بمقتضيات ف 50 ق.م.م بشأن صدور الأحكام (عدم إشارة المحكمة إلى بيان أو مسألة شكلية يستلزمها المشرع في الحكم).
الاخلالات المسطرية:
إغفال القيام بإجراء ينص عليه القانون. مثاله:
عدم النطق بالحكم في جلسة علنية، عدم ذكر وصف الحكم هل هو حضوري أو غيابي بالجلسة
الدفع بتأخير الدعوى من أجل إعداد الدفاع
(المدعي ـ المدعى عليه ـ المدخل).
الدفع بوقف البث ريثما تفصل محكمة أخرى في مسألة عارضة
(استحقاق الإرث يتطلب إثبات النسب).
ملاحظات:
ـ تبت المحكمة في الدفوع الشكلية قبل النظر في موضوع الدعوى (بحكم مستقبل)، إلا أنه إذا استلزم البت فيها البحث في الموضوع، يمكن ضمها للدفوع الموضوعية في ق.م.م (م 17) دون المادتين التجارية (م 8) والإدارية (م 13).
ـ إذا تعددت الدفوع الشكلية تفصل فيها المحكمة أن حسب الترتيب التالي: عدم الاختصاص ـ الإحالة ـ البطلان والإخلالات الشكلية والمسطرية ـ عدم القبول.
الدفوع بعدم القبول
الدفوع بعدم القبول دفوع لا تتعلق لا بالمسطرة ولا بالموضوع.
هي الوسائل التي بمقتضاها يرمي الخصم إلى عدم سماع دعوى خصمه، بإنكار سلطة المدعي في استعمال الدعوى ـ أنواعها:
ـ الدفع بعدم قبول الدعوى
لـ: انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة، أو تخلف شرط/ التقادم أو عدم حلول الأجل أو عدم تحقق الشرط الواقف/ سبق الفصل في الموضوع.
ـ الدفع بعدم قبول الطعن بعد فوات الأجل (التقادم).
ـ الدفع بعدم قبول الدفع بالإحالة لعدم الارتباط.
ـ الدفع بعدم قبول الطلب الجديد أمام محكمة الاستئناف.
ـ الدفع بعدم قبول الدعوى/ لطعن/ أسباب الطعن أمام محكمة النقض.
ملاحظة: الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام ما دام المشرع لم يكلف القاضي بإثارته من تلقاء نفسه، وإنما ألزم ذا المصلحة بالتمسك به والإدلاء به. وباعتباره دفعا موضوعيا، فإن الدفع به لأول مرة في المرحلة الإستئنافية جائز، بينما غير جائز أمام محكمة النقض لأول مرة.
الدفوع الموضوعية
الدفوع الموضوعية دفوع تتعلق بموضوع وجوهر النزاع.
هي الوسائل التي يستعملها المدعى عليه بهدف رفض طلبات خصمه (المدعي)، توجه إلى ذات الحق المدعى به كأن ينكر وجوده أو يزعم سقوطه أو انقضاؤه.
(تفادي الحكم للمدعي بمطلوبه، دون أن يقصد منها الحصول على مزية معينة وإلا كان طلبا عارضا). وهي متعددة لا يمكن حصرها، بحيث تشمل كل دفع يترتب على قبوله رفض طلب المدعي. وهي نوعين:
ـ الدفوع الإيجابية
التمسك بواقعة لدحض الواقعة القانونية التي يتمسك بها المدعي أو نقض آثارها (إبطال عقد لعيب الإرادة).
ـ الدفوع السلبية
إنكار الواقعة القانونية التي يستند إليها المدعي (إنكار عقد).