تقوم المسؤولية المدنية بتوافر 3 أركان (الخطأ والضرر وعلاقة السببية).
بينما الخطأ يكفي وحده لقيام المسؤولية الأدبية والمسؤولية الجنائية.
الخطأ
الخطأ هو الانحراف عن السلوك العادي*، مع التوفر على التمييز والإدراك. (دون قصد إحداث الضرر)، وعدم توفر أسباب التبرير والإباحة، يعتبر خطأ يوجب المسؤولية التقصيرية. (ف 78).
أنواع الخطأ
ينظر القاضي إلى الخطأ بحسب نوعه ودرجته عند تحديد نطاق المسؤولية وتقدير التعويض.
الخطأ العمدي والخطأ غير العمدي
الخطأ العمدي (الخطأ بتقصير)
يرتكبه الشخص عن بينة واختيار قاصدا الإضرار بالغير. يصفه ق.ل.ع بـ (خطأ جرمي/ جرم)، ويعبر عنه بـ (الفعل).
الخطأ غير العمدي (الخطأ بإهمال)
يرتكبه الشخص من دون قصد الإضرار بالغير، نتيجة الإهمال أو عدم الاحتياط. يصفه ق.ل.ع بـ (خطأ غير جرمي/ شبه جرم)، ويعبر عنه بـ (الخطأ).
الخطأ الايجابي و الخطأ السلبي
الخطأ الايجابي
فعل ما كان يجب الامتناع عنه (تجاوز السرعة).
الخطأ السلبي
ترك ما كان يجب فعله (عدم اشعال مصابيح السيارة ليلا).
الخطأ الجسيم والخطأ اليسير (درجات الخطأ ثلاثة)
خطأ جسيم
لا يرتكبه أكثر الناس إهمالا.
خطأ يسير
لا يرتكبه الشخص العادي في نفس الظروف الواقعية.
خطأ تافه
لا يرتكبه أكثر الناس ذكاء وحيطة وحذرا لكن قد يقع فيه الشخص العادي.
بعض فصول ق.ل.ع تشترط أن يكون الخطأ جسيما حتى يقال بأن هناك مسؤولية كالفصول 80 ـ 82 ـ 83.
لا يعتد بدرجة جسامة الخطأ في قيام المسؤولية، ولكن يعتد به عند تقدير التعويض (ف 98 ق.ل.ع).
أركان الخطأ
عل التعدي، مع التوفر على التمييز والإدراك.
الركن المادي (التعدي)
المحدد بـ: نص قانوني أو ضابط تنظيمي (الضرب، السرقة، السب، مخالفة ق. السير..)/ العادات (في الرياضات..)/ الانحراف عن السلوك العادي*.
الركن المعنوي (التمييز والإدراك)
توفر المخطئ على التمييز والإدراك الكافي ليعلم بأنه ينحرف عن السلوك العادي.
(الأهلية)
المسؤولية التقصيرية إما أن تكون كاملة أولا تكون، بينما المسؤولية الجنائية قد تكون ناقصة وقد تكون كاملة.
أسباب التبرير والإباحة
(أسباب التبرير والإباحة)
الضرر
الضرر هو الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له. وهذه المصالح تكون إما مادية أو معنوية. ومن ثم فإن الضرر يكون جسمانيا أو ماليا أو معنويا. ويشترط في الضرر حتى يعطي الحق للمضرور في طلب التعويض، أن يكون محققا، ناشئا عن الإخلال بمصلحة مشروعة، شخصيا.
أنواع الضرر
الضرر المادي
يصيب الشخص في جسمه أو ماله، فيسبب له خسارة مادية ( تلحق به ضررا، مصاريف إصلاح الضرر، حرمان من نفع) (ف 98 ق.ل.ع).
الضرر الجسماني
يصيب الجسم، فيسبب الألم، أو تكبد مصاريف العلاج أو الجنازة، أو العجز عن الكسب، أو الحرمان من التسلية و المتعة، أو تشويه الجمال.
الضرر المالي
يصيب المال، فيفقر الذمة المالية (حبس الماء عن حقل، حادث يصيب سيارة)، قد يكون مهنيا أو تجاريا، وقد يكون ناتجا عن منافسة غير مشروعة.
الضرر المعنوي
يصيب الشخص في كرامته (الألم نتيجة المس بشرفه أو سمعته أو اعتباره أو عرضه “سبه”)، أو عاطفته (الحزن نتيجة فقد أو تضرر عزيز عليه).
الضرر المرتد (ص 55)
يستوجب التعويض وفق أحكام المسؤولية التقصيرية بـ 3 شروط:
ـ فعل (الحادثة المميثة) يلحق ضررا أصليا (الوفاة) بشخص (المعيل الوحيد للأسرة).
ـ ينتج عنه ضرر مرتد قد يكون ماديا وقد يكون معنويا: مادي (الحرمان من النفقة) ، معنوي (الألم في الإحساس والعاطفة).
ـ يصيب شخص آخر تجمعه به علاقة معينة (القريب).
شروط الضرر
محققا
الضرر المحقق
هو المؤكد الوقوع الذي لا يمكن دفعه، وقع فعلا، أو مؤكد الوقوع في المستقبل (الضرر المستقبل). ونميز بين:
الضرر المستقبل
هو المؤكد الوقوع في المستقبل، فيتحقق سببه وتتراخى آثاره كلها أو بعضها إلى المستقبل، وهو في حكم المحقق ويوجب التعويض (العجز عن الكسب).
الضرر المحتمل
هو الممكن الوقوع في المستقبل، فقد يقع فيه وقد لا يقع، وهو غير محقق الوقوع ولا يوجب التعويض إلا إذا وقع فعلا (إصابة حامل واحتمال إجهاضها).
حالة حرمان الشخص من فرصة قد تعود عليه بالكسب (حرمان طالب من دخول الامتحان أو فارس من المشاركة في سباق)، البعض اعتبره ضررا محتملا، إلا أن بعض الفقه والقضاء المغربي اعتبره ضررا محققا يتمثل في الحرمان من حق، مما يوجب التعويض مع مراعاة القاضي عند تقدير التعويض لحظوظ الكسب المحتملة للمتضرر.
والمضرور هو الذي يتحمل عبء إثبات الضرر، وإثبات كونه محققا، بكل وسائل الإثبات، ما دام أنه يثبت واقعة مادية.
ناشئا عن الإخلال بمصلحة مشروعة
أي مصلحة يحميها القانون (وفاة الخليل، حرية شخص ألقي القبض عليه)، قد تكون مبنية على حق (الاعتداء على الحياة أو الجسم أو المال)، وقد لا تكون كذلك (قتل قريب يعول شخص لا تجب عليه النفقة، يرتب المساس بمصلحته المالية، إذا كانت فرصة استمرار ذلك محققة في المستقبل).
شخصيا
إن طلب أو دعوى التعويض شخصية لا يقيمها إلا المتضرر نفسه، أو ورثته أو نائبه الشرعي أو الوكيل باسم القاصر وناقص الأهلية والمحجور القانوني. أو الشخص الاعتباري كالنقابة والجمعية. والقاضي الذي ينظر في دعوى المسؤولية لايحكم بالتعويض إلا بناء على طلب من المتضرر.
وإذا تعدد المتضررون من فعل واحد غير مشروع كان لكل منهم الحق في الحصول على تعويض عن الضرر اللاحق به.
علاقة السببية
يقصد بها أن خطأ المدعى عليه هو السبب الذي أدى إلى حدوث الضرر للمدعي، ويكون التقدير لقاضي الموضوع في تحديد وجودها أو انتفائها.
تعدد الأسباب وتعاقب النتائج
حالة تعدد الأسباب
الضرر قد تتعدد الأفعال المتسببة في حدوثه، وقد تعود إحداها للمتضرر نفسه (شخص يتعرض إلى لكمة ثم حادثة سير ثم خطأ طبي)، فأيها يؤخذ به؟
ـ نظرية تكافؤ الأسباب (تعادلها): جميعها بالتساوي، (غير عادلة لاختلاف قوة الأسباب ودرجة اتصالها بالضرر).
ـ نظرية السبب المنتج (الفعال): فقط الأفعال التي تؤدي عادة إلى حدوث مثل هذا الضرر، ويبقى التقدير لقاضي الموضوع في الأخذ بالأسباب (اعتمدها ف 78 ق.ل.ع).
حالة تسلسل الأضرار أو تعاقب النتائج
عند تسلسل الأضرار الناتجة عن الفعل الواحد، يسأل المخطئ عن الضرر المباشر فقط (يبيع بقرة موبؤة، موت المواشي بالعدوى، العجز عن زراعة الأرض، سداد الديون… ـ سيارة تصدم شخصا فيصاب بجنون يدفعه للانتحار) (ف 77، 78، 98 المتعلق بالمسؤولية و ف 264 المتعلق بالالتزام).
نفي علاقة السببية
إذا ثبت الخطأ والضرر، تقوم مسؤولية المدعى عليه، ولا يتحلل الحارس منها إلا بنفيه علاقة السببية بين الخطأ و الضرر، بأن يثبت أن الضرر لم يكن نتيجة لخطئه وإنما كان لسبب أجنبي عنه لا يد له فيه (القوة القاهرة والحادث الفجائي/ خطأ المتضرر/ خطأ الغير).
القوة القاهرة والحادث الفجائي
حادث خارجي يستحيل توقعه أو دفعه فيؤدي مباشرة إلى حدوث الضرر، ولقيام حالة القوة القاهرة يجب أن تتوفر في الحادث 4 شروط:
ـ خارجي، أجنبي عن المدعى عليه لا يد له فيه.
ـ غير ممكن التوقع (عند إبرام العقد في المسؤولية العقدية، ووقت ارتكاب الفعل الضار في المسؤولية التقصيرية) (حادث فجائي).
ـ غير ممكن الدفع، أي أنه يستحيل على الشخص تجنب نتائجه استحالة مطلقة.
ـ هو السبب المباشر للضرر (علاقة السببية).
خطأ المتضرر
انحراف المتضرر عن السلوك العادي*، يؤدي إلى حدوث ضرر له، فيتحمل نفسه المسؤولية.
خطأ الغير
إذا أثبت المدعى عليه خطأ الغير أومن يتبعه أو يخضع لرقابته، انتفت عنه المسؤولية، واعتبر الغير مسؤولا وحده.
حالة الخطأ المشترك
ـ إذا اجتمع خطأ المدعى عليه (لا يقوم باللازم لمنع الضرر) مع الحادث الفجائي، يتحمل جزءا من المسؤولية (الراجح لدى الاجتهاد القضائي الفرنسي والمغربي).
ـ إذا اجتمع خطأ المدعى عليه وخطأ المتضرر، يمكن توزيع المسؤولية بينهما بنسبة تعادل خطورة خطأ كل منهما. حتى وإن كان المتضرر عديم التمييز (المجلس الأعلى).
ـ إذا اجتمع خطأ المدعى عليه وخطأ الغير المدخل في الدعوى، توزع المسؤولية بينهما بنسبة تعادل خطورة خطأ كل منهما، فإذا كان التوزيع غير ممكن، فيعتبران مسؤولين بالتضامن تجاه المتضرر.
ـ إذا اجتمع خطئان متميزان لشخصين، وتضرر كل منهما نتيجة لخطأ الآخر، كل منهما يتحمل مسؤولية خطئه تجاه الآخر حسب جسامته. فإذا استغرق خطأ أحدهما خطأ الآخر، انتفت مسؤوليته (يلقي بنفسه أمام سيارة).
=== * الانحراف عن السلوك العادي
يحدد القاضي توفر الخطأ وفق معيار موضوعي مجرد، بقياس درجة انحراف سلوك مرتكب الفعل أو الامتناع عن السلوك المألوف للشخص العادي اليقظ (الحذر المتبصر الذي يحتاط) الموجود في نفس الظروف الخارجية عامة للفعل الضار (الزمان، المكان، العناصر المادية الأخرى: حالة العجلات، خبرة السائق…)، دون الظروف الشخصية للمخطئ (انفعال، ضعف بصر، الحالة الاجتماعية)، والبدوي يقارن بالبدوي العادي والطبيب بالطبيب العادي…