التراضي
وجود التراضي
يوجد التراضي بوجود الإرادة لدى طرفي العقد في إحداث أثر قانوني، وتعبيرهما عنها، في صورة إيجاب من الأول يقبله الثاني، فيتطابق الإيجاب والقبول ويحصل التراضي.
وجود الإرادة والتعبير عنها
وجود الإرادة: (أمر داخلي غير محسوس) وعي الشخص لما يقصده، بألا يكون صغيرا غير مميزا أو فاقدا للوعي نتيجة مرض أو حادثة. ولا يعتد بإرادة الهازل والمجامل.
التعبير عن الإرادة: (إخراجها للواقع). يقع على العناصر الأساسية للالتزام، بطريقة صريحة أو ضمنية، أو وفق شكل خاص في حالات نص عليها القانون (كتابة البيوع العقارية).
التعبير الصريح: يعكس الإرادة بصورة مباشرة دون إعمال الفكر والاستنتاج. قد يتم بـ: الكتابة/ اللفظ الشفوي / الإشارة المعروفة أو المفهومة / العمل المادي (عرض سلعة).
التعبير الضمني: يعكس الإرادة بصورة غير مباشرة عقب استعمال الفكر والاستنتاج والتفسير (التصرف في سلعة معروضة ـ استمرار المكتري في شغل العين المكتراة).
الإيجاب والقبول
الإيجاب
تعريف
تعبير عن إرادة منفردة باتة في إبرام عقد معين مع تحديد شروط التعاقد الأساسية (يصدر عن الموجب).
شروط
ـ أن يكون باتا: جازما ونهائيا، صادرا عن نية باتة في إبرام العقد.
ـ أن يتضمن شروط التعاقد الأساسية (المبيع والثمن ـ العين والوجيبة).
ـ أن يتصل بعلم الموجه إليه (18).
آثار
الإيجاب يبقى ملزما للموجب إلى غاية سقوطه.
القبول
تعريف
تعبير عن إرادة جدية في قبول شروط التعاقد الأساسية الواردة في الإيجاب. يتم بطريقة صريحة أو ضمنية. (يصدر عن الموجب له/ الموجه إليه الإيجاب/ القابل).
شروط
ـ أن يصدر والإيجاب لازال قائما، ملزما للموجب* (18، 29، 30).
ـ أن يكون مطابقا للإيجاب: موافقا لكل الشروط الواردة فيه. ويعتبر كذلك إذا اكتفى الموجب له بقوله قبلت أو نفذ العقد دون تحفظ (28).
آثار
تتطابق الإرادتان ويكتمل التراضي وينشأ العقد صحيحا منتجا لآثاره.
تطابق الإرادتين في العقد / تلاقي الإيجاب بالقبول
أحكام
ـ العبرة مبدئيا بالإرادة الظاهرة المصرح بها في ألفاظ العقد (21، 461) مع عدم تجاهل الإرادة الباطنة للعاقدين (ف 22 العقود الصورية، 462 تفسير العقد).
ـ لا يعتبر إيجابا: المفاوضات الممهدة للتعاقد، العرض المعلق على شرط واقف، العرض الصادر بشكل عام دون تحديد شروط التعاقد الأساسية يعتبر قبوله إيجابا (التقدير للقاضي).
ـ يعتبر قبولا ضمنيا الشروع في تنفيذ التزاماته الشخصية فعلا، ما لم يفرض جوابا صريحا من القابل، بشرط من الموجب أو بمقتضى العرف التجاري.
ـ السكوت لا يدل عن الإيجاب، ويدل عن القبول ضمنيا إذا كان ملابسا / إذا تعلق الإيجاب بمعاملات سابقة بدأت فعلا بين الطرفين (25).
ـ يعني مجلس العقد اجتماع الطرفين مباشرة في نفس المكان وانشغالهما بالتعاقد دون أن تفصل فترة زمنية بين صدور القبول وعلم الموجب به.
ـ يعتبر العقد بين غائبين تاما في زمان ومكان إعلان القابل لقبوله (نظرية تصدير القبول) (24). وهذه مقتضيات مكملة ليست من النظام العام، إذ يجوز الاتفاق على مخالفتها.
ـ يسقط الإيجاب بوفاة الموجب أو فقدان أهليته مع علم الموجب له بذلك مسبقا، بينما يبقى ملزما للموجب إذا قبله الموجب له وهو يجهل ذلك (31).
ـ يسقط الإيجاب إذا لم يقبله الموجب له أو لم يبدأ في التنفيذ (26)، وتغيير شروط الإيجاب يعتبر إيجابا جديدا.
صحة التراضي
يكون التراضي صحيحا بصدوره عن شخص ذي أهلية وخاليا من عيوب الرضا.
الأهـلية (أنظر مبحث الاهلية*)
عيوب الرضا
الغـلط: (40…45) توهم دافع إلى التعاقد، يقع فيه المتعاقد من تلقاء نفسه (غلط)، ويخول طلب الإبطال في حالات خاصة محدودة:
التدليـس: (52) توهم دافع إلى التعاقد، يقع فيه المتعاقد نتيجة استعمال وسيلة احتيال (تغليط)، يخول الإبطال + التعويض بشروط: (عيب في الإرادة).
1 ـ هو الدافع إلى التعاقد: (التدليس الدافع يخول طلب الإبطال + التعويض، أما التدليس غير الدافع يخول طلب التعويض فقط).
2 ـ استعمال وسيلة احتيال: يقوم على عنصرين: مادي (الوسيلة: وثائق مزورة، شهادات كاذبة، انتحال صفات، الكذب والكتمان فيما له أهمية) + معنوي (نية الاحتيال…).
3 ـ يقع بفعل المتعاقد الآخر/ غيره بالتواطؤ معه أو بعلمه.
تمييزه عن الغش: تغليط يقع خارج نطاق التعاقد (خلط الحليب بالماء).
الإكراه: (46…51) إجبار غير مشروع دافع إلى التعاقد، يقع فيه المتعاقد نتيجة استعمال وسيلة تهديد لترهيبه والتأثير على إرادته (عيب في الإرادة). يخول الإبطال بشروط:
1 ـ هو الدافع إلى التعاقد: مما يعتبر أن إرادة المتعاقد المكره معيبة (التقدير لقاضي الموضوع).
2 ـ استعمال وسيلة تهديد: من شأنها أن تحدث ألما جسيما، أو اضطرابا نفسيا، أو ضررا كبيرا في النفس أو الشرف أو المال.
3 ـ يقع بفعل المتعاقد الآخر/ غيره بالتواطؤ معه أو بعلمه، على المتعاقد نفسه/ من يرتبط عن قرب معه بعلاقة الدم (الأصول والفروع والإخوة والأزواج).
4 ـ غير مشروع: الوسيلة المستعملة أو الغرض المقصود غير مشروع. أما الخوف الناتج عن التهديد بالمطالبة القضائية والإجراءات القانونية الأخرى، وعن احترام الابن لأمه وأبيه، وطاعة الزوجة لزوجها لا يخول الإبطال، إلا إذا انضمت إليه تهديدات جسيمة أو أفعال مادية، أو كان لتحقيق غرض غير مشروع.
تمييزه عن العنف الملجئ: (انعدام الإرادة).
الغـبن: (55، 65) عدم تعادل بين ما يأخذه المتعاقد وما يعطيه، يقدر تقديرا ماديا، حتى ولو كانت نية المتعاقد المغبون سليمة. (عيب في العقد).
يتصور في عقود المعاوضة المحددة، دون عقود التبرع والاحتمالية. الغبن المجرد الذي يلحق الراشد لا يخول طلب إبطال العقد ولو كان فاحشا، ويخول ذلك في حالات خاصة:
ـ إذا نتج عن تدليس الطرف الآخر أو نائبه أو غيره وبالتواطؤ معه، ولو كان هذا التدليس ليس دافعا بالطرف المغبون إلى التعاقد.
ـ إذا لحق قاصر أو ناقص أهلية، ولو تعاقد وفقا للأوضاع القانونية بمعونة وصيه أو مساعده القضائي.
ـ ما جرى به العمل قضاء وفتوى: إذا فاق حد الثلث.
تمييزه عن الاستغلال: عدم تعادل بين ما يأخذه المتعاقد وما يعطيه، يقدر تقديرا نفسيا، لأنه نتيجة لاستغلال ظروف المتعاقد الآخر وحالته النفسية (عيب في الإرادة).
المرض والحالات الأخرى المشابهة: (54) (الغبن الاستغلالي) حالة يوجد فيها شخص تؤثر في إرادته وتضعفها، ويستغلها شخص آخر ويبرم معه عقدا لا تتعادل فيه الالتزامات، تخول للطرف المغبون طلب إبطال العقد، وللقاضي سلطة تقديرية في الإبطال استنادا إليها متى تعذر عليه الاستناد إلى عيوب الرضا الأخرى.
المرض: (عضوي أو عقلي) تشمل: مرض الموت أو المرض الأخير، وهو كل مرض يؤدي عادة إلى الوفاة ويكون كذلك إذا كان مخيفا ومشعرا بالوفاة، يخول طلب الإبطال ما لم توجد أحكام مخالفة، مثل: البيع أو البراءة خلال مرض الموت صحيح، ما لم يتضمن محاباة: لأحد الورثة (لا يصح إلا بإجازة باقي الورثة) ـ للغير (صحيح في حدود الثلث).
الحالات الأخرى المشابهة: الحاجة (ضائقة تهدد الحياة/ الصحة/ المال/ الشرف)، الخفة الظاهرة (طيش واندفاع بدون تروي، بدون احتياطات)، ضعف الإدراك، الهوى الجامح.
المحل والسبب
المحل
محل الإلتزام
هو الأداء الذي يتعهد به المدين لمصلحة الدائن، وهو إما إعطاء شيء/ عمل/ امتناع. هو شرط لوجود الالتزام، وبالتالي لوجود محل العقد. ويشترط فيه أن يكون:
معينا
معينا وقت العقد، أو قابلا للتعيين مع تضمن العقد عناصر التعيين (58). إلا أنه يمنع في بعض الحالات الاتفاقات التي يكون محلها شيئا مستقبلا (تركة مستقبلة).
ـ شيء: تختلف طبيعته: له وجود قائم في الخارج لا يشاركه في حدوده شيء آخر: يعين بذاته/ معينا بنوعه: يحدد صنفه ومقداره (القمح)/ نقودا: يحدد مقداره.
ـ عمل أو امتناع: يجب تعيين طبيعته، ثم تحديده ببيان مواصفاته.
ممكنا
موجودا وقت العقد، أو قابلا للوجود، غير مستحيل استحالة مطلقة او نسبية، طبيعية أو قانونية:
ـ مطلقة: تقوم لدى جميع الناس، وتكون إما: طبيعية (الهواء، إحياء ميت)/ قانونية (المخدرات، استئناف حكم بعد الأجل)، وتؤدي إلى بطلان العقد إذا كانت سابقة على إبرامه.
ـ نسبية: تقوم لدى المدين وحده بسبب ظروفه الخاصة (عطب آلة)، وتخول التعويض.
مشروعا
غير مخالف للنظام العام أو الآداب العامة أو القانون (57). ليس من الأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها أو بالقانون.
محل العقد (موضوعه)
هو الأثر القانوني الذي يسعى الأطراف إلى تحقيقه من وراء التعاقد، وهو إما: إنشاء/ نقل/ تعديل/ إنهاء التزام. ولا يشترط فيه إلا أن يكون مشروعا.
السبب
سبب الإلتزام (السبب الموضوعي)
الغرض المباشر المجرد الذي يسعى المتعاقد إلى تحقيقه من وراء التزامه التعاقدي/ السبب القصدي (غرض البائع هو الثمن). ويشترط فيه أن يكون: موجودا، حقيقيا، مشروعا، وإلا كان العقد باطلا، وذلك مفترض، وعلى من يدعي العكس أن يثبته.
موجودا
غير مفقود*، وينتفي بـ: الإكراه (العلم بانتفائه) – الغلط (توهم وجوده) – الصورية المطلقة (الظاهر فقط)، ويصاحب غالبا انتفاء المحل (بيع سيارة احترقت).
حقيقيا
غير صوري (63 ـ 64)، ويكون صوريا إذا كان يخفي وراءه السبب الحقيقي الذي يكون غير مشروع. والعبرة بالسبب الظاهر إلى أن يثبت العكس.
مشروعا
غير مخالف للأخلاق أو النظام العام أو القانون، ويستند إلى السبب غير المشروع للبطلان بشرطين: هو الدافع إلى التعاقد + الثاني عالما به أو بإمكانه ذلك.
وهو واحد لا يختلف باختلاف الأشخاص في النوع الواحد من العقود، ولا يتغير إلا حسب أوضاع وأنواع العقود (الملزم للجانبين، الملزم لجانب واحد)، وهو أحد أركان انعقاد العقد.
سبب العقد (السبب الذاتي)
الغرض البعيد غير المباشر/ الباعث الدافع إلى التعاقد (باعث البائع هو الثمن ليسدد به ديننا/ يلعب به قمارا). ولا يشترط فيه إلا ان يكون مشروعا.
وهو يختلف باختلاف الأشخاص ونواياهم في النوع الواحد من العقود (شراء سيارة ظنا أن القديمة سرقت).
السبب المنشئ
أصل الشيء أو مصدره أو سببه المنشئ له (العقد سبب كسب الملكية، الفعل الضار سبب الالتزام بالتعويض). (ليس موضوع دراستنا).