البطلان والإبطال، الفسخ والانفساخ والتقايل، عدم النفاذ

البطلان والإبطال

البطلان “البطلان المطلق”

التعريف

هو الجزاء القانوني الذي يلحق العقد لتخلف أحد أركانه، أو بنص القانون، ويؤدي إلى فقدان وجوده الاعتباري في نظر القانون من يوم نشأته، فلا ينتج آثارا لا بالنسبة للمتعاقدين ولا بالنسبة للغير. (لا وجود قانوني له. يعتبر غير منعقد أصلا وغير موجود بقوة القانون. منعدم).

الحالات

تخلف أحد أركان العقد (الرضا، المحل، السبب)/ نص القانون:
ـ يبطل بين المسلمين اشتراط الفائدة (870). وبيع الأشياء التي تعتبرها الشريعة من النجاسات إلا ما تجيز الاتجار فيه، كالأسمدة (ف 484).
ـ يبطل تأجير الشخص خدماته إلى أجل غير محدد أو لتنفيذ عمل غير معين (727).

كيفية التقرير

العقد الباطل يعتبر منعدما بقوة القانون، وبالتالي لا يحتاج إلى تقرير البطلان بحكم القاضي، إلا إذا وقع تنازع في وجود البطلان (حكم معلن للبطلان).

حق التمسك

لكل ذي مصلحة أن يتمسك ببطلان العقد الباطل إذا ما طلب منه تنفيذه، وأن يرفع دعوى يطلب فيها تقرير البطلان، وللمحكمة أن تقضي بالبطلان تلقائيا. وحق التمسك بالبطلان لا يسقط بالإجازة أو التصديق أو التقادم. (العقد الباطل لا تصححه الإجارة ولا التصديق ولا التقادم) (310).

قابلية الإبطال “البطلان النسبي”

التعريف

حالة ينشأ فيها العقد متوفرا على كل أركانه لكن مع عيب في أحدها، فيبقى موجودا صحيحا منتجا لآثاره لكنه قابلا للإبطال، فإذا أثيرت أسباب بطلانه حكم القاضي بإبطاله وأصبح منعدما، وإلا ظل موجودا في حكم الصحيح، إلى أن تزول عنه تلك الأسباب ويصبح صحيحا بصفة نهائية.

الحالات

عيب في أحد أركان العقد (نقصان الأهلية، عيوب الرضا)/ نص القانون:
ـ بيع ملك الغير، مالم يقره المالك (485).
ـ رهن ملك الغير، مالم يقره المالك أو من أثقل الشيء بحقه (1173).

كيفية التقرير

العقد القابل للإبطال يحتاج إلى تقرير البطلان بحكم القاضي (حكم منشئ للبطلان)، ويعتبر العقد منعدما منذ تاريخ إبرامه (بأثر رجعي).

حق التمسك

للمتعاقد الذي قرر الإبطال لمصلحته (المتضرر) أن يتمسك بحق طلب إبطال العقد من القاضي، وله أن يتنازل عنه بتصحيح العقد بالإجازة أو التقادم (العقد القابل للإبطال تصححه الإجازة والتقادم). ولا يجوز للقاضي أن يقرر الإبطال تلقائيا، ولا بناء على طلب شخص آخر.

الفسخ والانفساخ والإقالة الاختيارية (انحلال العقد)

انحلال العقد هو إنهاء العمل به وإزالة قوته الملزمة بعد أن نشأ وتكون، أسبابه تكون: إما مرافقة لتكوين العقد (نقصان الأهلية، عيوب الرضا) وتجعل العقد قابلا للإبطال. وإما لاحقة لتكوينه (استحالة التنفيذ)، وتجعله منفسخا (الفسخ والانفساخ والإقالة الاختيارية).

في حالة عدم التنفيذ أو استحالة التنفيذ للدائن أن يطلب الفسخ (259). ويشترط لرفع دعوى الفسخ: العقد ملزم للجانبين + المدين في حالة مطل + الدائن نفذ التزاماته أو مستعدا و قادرا على ذلك.

الفسخ

هو حل العقد الملزم للجانبين، عند إخلال أحد المتعاقدين بتنفيذ التزاماته التعاقدية، هو طارئ يلحق بالعقد بعد نشأته صحيحا سليما من العيب فيعرضه للزوال، فينتهي العمل به قبل أن ينتج آثاره أو قبل أن يتمها، الغرض منه هو تحلل المتعاقد من التزاماته نتيجة تعذر تنفيذ المتعاقد الآخر لالتزاماته المقابلة بسبب تماطله.

الفسخ القضائي

يقع بحكم المحكمة بناء على طلب أحد الطرفين (الدائن)، وليس تلقائيا (259)، وللقاضي سلطة تقديرية في أن يحكم بفسخ العقد كله، أو الجزء المتأخر في تنفيذه فقط إذا أمكن الإبقاء على العقد دونه.
موجباته
المدين في حالة مطل: أن يتأخر عن التنفيذ كليا أو جزئيا بفعله أو خطئه بدون سبب معقول، وأن يوجه إليه أو إلى نائبه القانوني إنذار صريح بوفاء الدين.

الفسخ الإتفاقي

يقع بقوة القانون بناء على شرط في العقد (260)، ودون حاجة إلى إنذار. ورغم ذلك يمكن رفع دعوى الفسخ في حالة منازعة المدين في وجود الاتفاق أو ادعائه التنفيذ، ويكون حكمها معلنا للفسخ لا منشئا له.
موجباته
اتفاق المتعاقدان على أن العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته.

الانفساخ

انقضاء الالتزام بقوة القانون، وانفسخ العقد تلقائيا، ودون حاجة لحكم قضائي، فإذا رفع الأمر للمحكمة فإن حكم القاضي يكون معلنا للانفساخ وليس منشئا له.
موجباته
استحالة التنفيذ لسبب أجنبي لا يد للمدين فيه (القوة القاهرة، الحادث الفجائي، خطأ الدائن، خطأ الغير)، أي استحالة طبيعية أو قانونية بغير فعل المدين أو خطئه.

الإقالة الاختيارية / التقايل

هو اتفاق المتعاقدين على التحلل من الالتزامات التعاقدية الناشئة عن العقد بعد إبرامه. وهي عقد جديد يلغي العقد المقال ويزيل كل آثاره. تصح في الحالات التي يجوز فيها الفسخ، لكن في الفسخ نكون أمام عقد واحد يتم التحلل من أثره.

الصريحة

عندما يبرم المتعاقدان اتفاقا لاحقا للعقد يصرحان فيه بإقالتهما للعقد وتقبلهما.

الضمنية

عندما لا يعبر عنها صراحة، وإنما تستفاد من موقف الطرفين وممارستهما بعد نشأة العقد.

موجباته
الشروط العامة المتطلبة في العقود.
أما التي تقع من النائب الشرعي (395/1): أن تجري في حدود النيابة، ووفق الإجراءات الواجبة في التفويتات + أن تحقق منفعة من يتولى أمرهم النائب.
تعديل العقد الأصلي يفسد الإقالة ويحولها إلى عقد جديد (397/3)

عدم النفاذ

العقد غير النافذ عقد صحيح ينتج آثاره بين المتعاقدين، ولا ينتجها بالنسبة للغير فلا ينفذ في حقهم (تصرفات التاجر بعد إشهار إفلاسه ـ بيع العقار قبل تسجيله).

آثار البطلان والفسخ والإقالة

المبدأ العام

أثر البطلان والفسخ والإقالة يكون رجعيا يعود إلى وقت إبرام العقد، حيث يزول العقد بأثر رجعي ويعتبر كأن لم يكن، وتزول آثاره سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير. وقد تقترن دعوى البطلان أو الإبطال أو الفسخ بطلبات فرعية تهدف إلى التعويض عن الأضرار المترتبة عن البطلان أو الإبطال أو الفسخ.

الاستثناءات الواردة على المبدأ العام (في آثار البطلان بنوعيه)

القاصر

لا يلتزم إلا في حدود النفع الذي استخلصه من الالتزام، وإبطال العقد يجبره فقط على رد ذلك النفع (ف 6 ق.ل.ع) (يُسرق منه جزء من الثمن).

الحقوق العينية العقارية لا تتأثر بمبدأ رجعية آثار البطلان والإبطال

كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده. وابتداء من يوم تقييده لا يمكن التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة مكتسبه حسن نية (ف 66 ظهير التحفيظ العقاري ـ ف 3/2 التشريع المطبق على العقارات المحفظة).

الحيازة في المنقول سند الملكية

يفترض في حائز المنقول بحسن نية أنه اكتسبه بطريق قانوني وشكل صحيح، وعلى من يدعى العكس أن يثبته، له أن يتمسك بملكيته ولو تلقاه ممن ليس له الحق في التصرف فيه (456). ويبقى للمالك حق استرجاع المنقول المسروق أو الضائع خلال 3 سنوات، من مكتسبها وإن بحسن نية، ولهذا الأخير أن يرجع على من تلقى الشيء منه (456 مكرر).

تبعة الفرع للأصل

يترتب على بطلان الالتزام الأصلي بطلان الالتزامات التابعة له وذلك ما لم يقض القانون أو الاتفاق بخلاف ذلك.

الآثار العرضية (في آثار البطلان بنوعيه)

آثار عرضية غير مقصودة وقت التعاقد، في فرضيات خاصة:

انتقاص العقد/ البطلان الجزئي

(ما لا يدرك كله لا يترك كله) قد يقتصر البطلان أو الإبطال في جزء من مقتضيات العقد دون الأخرى (ف 308)، بشرطين:
ـ الجزء الباطل أو القابل للإبطال قابل للانفصال عن بقية الالتزامات السليمة الأخرى. والعقد يمكنه أن يبقى قائما بدون هذا الجزء.
ـ عدم تعارض نية الأطراف مع فكرة انتقاص العقد (إذا كان الأطراف يعتبرون العقد وحدة متكاملة لا تقبل التجزئة، فإن البطلان أو الإبطال في الجزء يلحق كل العقد).

تحول العقد

إذا توافرت في العقد الباطل أو القابل للإبطال (بكامله أو في جزء منه لا يقبل الانفصال عن باقي الأجزاء) عناصر عقد آخر صحيح، لزم الاعتداد بهذا العقد الآخر الجديد (ف 309 ق.ل.ع)، بشرط: احتمال انصراف إرادة العاقدين إلى اعتماد العقد الجديد، لو أنهما فطنا لما يشوب العقد الأصلي الباطل من عيوب في تكوينه.