آثار العقد

العقد الصحيح المستجمع لكل أركان انعقاده، يرتب جميع آثاره التي قصدها المتعاقدان (الحقوق والالتزامات)، أي تثبت له قوة ملزمة لعاقديه بكل ما جاء فيه من أحكام، توازي قوة القانون بالنسبة إليهما، ولا يجوز تعديلها أو إلغاؤها إلا برضاهما معا (بـ: شرط في العقد/ اتفاق بعده) أو بنص القانون.

نطاق القوة الملزمة للعقد نسبي ليس مطلق من جهتين: الأشخاص، والموضوع.

آثار العقد من حيث الأشخاص

تنصرف آثار العقد مبدئيا إلى المتعاقدين أومن يمثلانهم كخلف عام أو خلف خاص أو دائنين. ولا تنصرف إلى الغير إلا في حالات خاصة: الالتزام عن الغير، الاشتراط لمصلحة الغير.

المتعاقدين

هم أطراف العقد الذين أبرموه بأنفسهم أو بواسطة من ينوب عنهم في ذلك كالوكيل أو النائب الشرعي*، تنتقل إليهم آثار العقد.

الخلف العام

هو من يخلف الشخص (المتعاقد: البائع أو المشتري) في ذمته المالية كلها أو في جزء شائع منها وفق قواعد الإرث (الوارث، والموصى له بجزء من التركة كربعها أو ثلثها باعتبارها مالا شائعا). (الخلافة العامة تتحقق عن طريق الميراث أو الوصية).
تنتقل إليه آثار العقد في حدود قيمة التركة، ما لم يفرض عدم انتقالها بـ: نص العقد/ طبيعة الحق أو الالتزام/ نص القانون (الشركة، الوكالة).

الخلف الخاص

هو من يتلقى عن سلفه حقا في شيء معين بالذات سواء كان هذا الحق عينيا أو شخصيا (المشتري، والموصى له بعين معينة، والموهوب له) تنتقل إليه آثار العقد الذي أبرمه السلف، الذي يتعلق بالحق المنتقل إليه، دون الذي لا يتعلق بذلك، حيث يعتبر من الغير بالنسبة له (بيع السيارة لا ينتقل المرآب المكترى إلى المشتري)، ما لم تكن من مستلزماته: حقوقا مكملة له وتعتبر من توابعه (التأمين على العقار قبل وهبه)، التزامات محددة ومقيدة لاستعماله.
ويشترط في ذلك: أن تكون العقود سابقة على انتقال الشيء إلى الخلف الخاص + أن يكون الخلف الخاص يعلم بالحقوق و الالتزامات التي تقيد المال عند انتقاله إليه.

الدائنين (العاديين)

يعتبرون من الغير بالنسبة للعقد التي يبرمه مدينهم، وبالتالي لا تنتقل إليهم آثار العقد، وإنما يقتصر تأثرهم على زيادة أو نقصان ضمانهم العام، باعتبار أن هذا العقد قد يدخل حقوقا في الذمة المالية للمدين مما يرجع بالفائدة عليهم، وقد يخرج حقوقا منها مما يضر بهم، لأن أموال المدين ضمان عام لدائنيه، يعتمدون عليها في استيفاء ديونهم. وعليه ليس لهم التدخل في العقود التي يبرمها، ولا التمسك بعدم نفاذها، حتى وإن كانت تضر بضمانهم العام. ويجوز لهم الطعن فيها بالصورية إذا كانت غير حقيقية ولم يبرمها إلا بقصد الإضرار بحقوقهم.

الغير

هو شخص ليس طرفا في العقد وليس ممثلا فيه، مبدئيا لا تنصرف إليه آثاره، واستثناء يترتب عليه حقوق و التزامات في حالات منها:

عقد الإلتزام عن الغير
عقد الإشتراط لمصلحة الغير

آثار العقد من حيث الموضوع

تحديد نطاق العقد

العقد لا يلزم المتعاقدين بمضمونه فقط، بل أيضا بكل ملحقات الالتزام، وفقا لطبيعته أو القانون أو العرف أو العدالة (231). ولذلك تحديدها يتم باعتماد بعض الضوابط:
ـ طبيعة الإلتزام: بائع العقار يلتزم بتسليم المستندات المثبتة لملكيته ليتمكن المشتري من تسجيل عقد البيع، وبائع السيارة يلتزم بتسليم أدواتها لأنها من ملحقات المبيع.
ـ القانون: القواعد القانونية المكملة التي يفترض الأخذ بها إذا لم يتفق المتعاقدان على ما يخالفها (بيع … مع مشتملاته).
ـ العرف: وهو ينزل منزلة القانون خاصة في الميادين التجارية (إضافة نسبة مئوية مقابل خدمة المطعم).
ـ العدالة: كالتزام البائع بعدم منافسة المشتري (التزام تفرضه العدالة لو لم يشترط في العقد).

تفسير العقد

عندما تعرض على القاضي النزاعات المتعلقة بمضمون العقود وبتنفيذها، فإنه يبحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين، بتأويل العقد أو تفسيره. وفق إحدى حالات ثلاث:

وضوح معنى عبارة العقد ودلالتها على قصد صاحبها:

لا حاجة للتفسير، الأخذ بالمعنى الواضح الظاهر العبارة، وعدم التعمق بالبحث عن قصد صاحبها.

وضوح معنى عبارة العقد ودلالتها، دون الغرض المقصود منها لتعارض بنود العقد:

البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين باتباع قواعد ق.ل.ع:
1 ـ بنود العقد يؤول بعضها البعض بأن يعطي لكل منها المدلول الذي يظهر من مجموع العقد. وإذا تعذر التوفيق بين هذه البنود لزم الأخذ بآخرها رتبة في كتابة العقد (ف 464).
2 ـ إذا كتب العدد عدة مرات ثارة بالحروف وثارة بالأرقام، عند الاختلاف وجب الاعتداد بالعدد المكتوب بالحروف، ما لم يثبت بوضوح الجانب الذي اعتراه الغلط (ف 471).
3 ـ إذا كتب العدد عدة مرات بالحروف، عند الاختلاف وجب الإعتداد بالعدد الأقل، ما لم يثبت بوضوح الجانب الذي اعتراه الغلط (ف 472). يسري نفس الحكم إذا كتب بالأرقام.

الشك في معنى عبارة العقد ودلالتها على قصد صاحبها:

تفسير العقد وتأويله، بإتباع أحكام ق.ل.ع:
1 ـ يلزم البحث عن قصد المتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ ولا عند تركيب الجمل (ف 462/الأخيرة ق.ل.ع).
2 ـ إذا كان بالإمكان حمل عبارة العقد على معنيين حملت على المعنى الذي يعطيها بعض الأثر وليس على المعنى الذي يجردها من كل أثر (ف 465).
3 ـ يجب فهم الألفاظ المستعملة حسب المدلول المعتاد لها في مكان إبرام العقد إلا إذا تبين أن المقصود من استعمالها معنى خاص يؤخذ به (ف 466).
4 ـ التنازل عن الحق يجب أن يكون له مجال ضيق، ولا يكون له إلا المدى الذي يظهر بوضوح من الألفاظ المستعملة ممن أجراه (ف 468).
5 ـ إذا كان لشخص واحد من أجل سبب واحد دعويان، فإن اختياره إحداهما لا يمكن أن يحمل على تنازله عن الأخرى (ف 468).
6 ـ عندما تذكر في العقد حالة لتطبيق الالتزام، فينبغي أن لا يفهم من ذلك أنه قد قصد تحديد مجاله بها، دون غيرها من بقية الحالات التي لم تذكر (ف 469).
7 ـ عند الشك يؤول الالتزام بالمعنى الأكثر فائدة للملتزم ، إذا تعذر التعرف على قصد المتعاقدين، وتعددت التفسيرات وتعذر ترجيح أحدها باستعمال القواعد السابقة (ف 473).