القرار عدد 1344
الصادر بتاريخ 08 أكتوبر 2019
في الملف الاجتماعي عدد 2017/1/5/327
شرط عدم المنافسة – ثبوت الإخلال به من طرف الأجير – أثره.
إذا كان عقد الشغل من العقود الرضائية التي تستوجب موافقة الطرفين، فإن البنود المضمنة به ترتب التزامات قانونية على كل من طرفي العقد عملا بالقاعدة العامة “العقد شريعة المتعاقدين” التي تضمنها الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود وأن اشتمال عقد الشغل على شرط عدم منافسة الأجير لمشغله مع تحديد التزام الأجير من حيث الزمان والمكان يجعل منه مصدرا قانونيا، ويكون الأجير عند إخلاله بهذا الشرط وهذا الالتزام باشتغاله لدى شركة منافسة مسؤولا مسؤولية عقدية. والمحكمة لما ثبت لها إخلال الطالب بالتزامه التعاقدي، واشتغاله مباشرة بعد انتهاء عقد عمله مع المطلوبة لدى شركة منافسة لها، وقضت عليه بالتعويض المتفق عليه في العقد، فإن قرارها وفق ما انتهى إليه يكون مرتكزا على أساس قانوني سليم، وغير خارق لأي مقتضى قانوني.
رفض الطلب
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
حيث يستفاد من أوراق القضية، ومن القرار المطعون فيه أن المدعية تقدمت بمقال تعرض فيه أن المدعى عليه كان يعمل لديها وغادر العمل بعد تقديم استقالته واحترام أجل الإخطار. وأن عقد العمل الموقع عليه ينص على احترام الأجير في حالة مغادرته العمل لأي سبب من الأسباب بعدم الاشتغال لدى أية شركة منافسة تقوم بنفس النشاط التجاري (صنع الأدوية والصيدلية) داخل شعاع 300 كلم من مدينة الدار البيضاء، لمدة ثلاث سنوات تبتدئ من تاريخ مغادرته العمل. وفي حالة عدم احترامه لهذا الشرط يؤدي لها تعويضا يوازي أجرة سنتين. وأنه بعد مغادرته العمل لديها بتاريخ 2011/03/15 التحق مباشرة في 2011/04/01 بمختبرات بوتي. مما يجعله خرق الالتزام العقدي، ويرتب حقها في التعويض. وأكدت أن أجره الشهري هو 14.823 درهم، وأن مختبرات بوتي تتحمل نفس مسؤولية الأجير طبقا للفصل 758 من قانون الالتزامات والعقود. ملتمسة الحكم عليهما بالتضامن بأدائهما لها تعويضا عن عدم احترام شرط عدم المنافسة. وبعد جواب المدعى عليهما، وفشل محاولة الصلح بين الطرفين وانتهاء الإجراءات المسطرية أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها القاضي بأداء المدعى عليه لفائدة المدعية تعويضا عن خرق شرط عدم المنافسة. استأنفه المدعى عليه فقضت محكمة الاستئناف بتأييده وهو القرار موضوع الطعن بالنقض.
في شأن الوسائل المعتمدة في النقض:
يعيب الطاعن على القرار المطعون فيه خرق مقتضيات الفصلين 108 و 109 من قانون الالتزامات والعقود، إذ تمسك بكون شرط عدم المنافسة الذي ينص على الامتناع عن العمل داخل منطقة جغرافية محددة في 300 كلم ولمدة ثلاث سنوات يعارض مقتضيات الفصلين المذكورين، ويعرضه لعطالة مستمرة، خاصة في غياب أي تعويض مقابل منعه من العمل. وأن القرار موضوع الطعن لم يجب على دفعه بخصوص الفصلين، ولم يشر إليهما في تعليله رغم أنهما حاسمان، ويمسان بحق مدني مكفول من قبل الدستور وهو الحق في العمل. وأن الأحكام يجب أن تكون معللة من الناحية الواقعية والقانونية، وهو الشيء المنتفي في القرار موضوع الطعن، الذي اكتفى بتبني تعليلات الحكم الابتدائي، ولذلك يجب إلغاؤه وإبطاله. كما أنه لم يراع مصلحة الأجير الطرف الضعيف في علاقة الشغل، وأن المبلغ المحكوم به يساوي ما يقارب سنتين من عمله لدى المطلوبة. وأن شرط عدم المنافسة جاء مستقلا عن عقد الشغل وغير مصحح الإمضاء. وأن الالتزامات حتى تكون منشأة على وجه صحيح يجب أن تكون وفق الشكليات المحددة قانونا. وأنه عملا بالمادة 15 من مدونة الشغل فإنه يجب أن يكون عقد الشغل مصحح الإمضاء بجميع بنوده والتزاماته، وأن غياب المصادقة على الإمضاء أمام طعنه في محتوى الوثيقة المذكورة يجعل المحكمة ملزمة باستبعاد الذي طاله الطعن، وغير المصحح الإمضاء كما أن المحكمة الابتدائية اعتمدت على مبلغ الأجرة المصرح به من قبل المطلوبة، وهو أجر لا يعكس لأجر الحقيقي له وأن المطلوبة لم تدل بمتوسط أجوره، وأن أجرته كانت أقل مما صرحت به المطلوبة. وأن القرار أفرغ النصوص القانونية من محتواها ومن قيمتها من خلال عدم مناقشته لدفعه المتعلق بالاستقالة المنشئة للنراع إذ أنه كان مكرها على توقيعها بسبب التحرشات والأزمات النفسية التي كان يعانيها. وبذلك يكون القرار قد خالف الواقع وخالف القانون، ولم يجب على دفوعاته. مما يتعين معه نقضه.
كما يعيب الطاعن على القرار المطعون فيه نقصان التعليل المنزل منزلة انعدامه، وخرق مقتضيات الفصل 264 من قانون الالتزامات والعقود، ذلك أن القرار موضوع الطعن لم يكيف النصوص القانونية حسب النازلة، وتبنى الأجر المنصوص عليه من المطلوبة وضربه في عدد السنوات المنصوص عليها في شرط عدم المنافسة دونما تفعيل للنصوص القانونية الواجبة التطبيق، وأنه كان حريا به أن يعيد التوازن إلى شرط عدم المنافسة إذا تبين له أنه مبالغ فيه جدا. وأنه في غياب أي تعويض مادي عن عدم الاشتغال، فإن سلطة المحكمة كانت لازمة لإعادة الأمور إلى نصابها، وإعادة التوازن إلى الشرط المتمسك به من قبله وأنه وجب مراعاة مصلحته الاجتماعية باعتباره طرفا ضعيفا في علاقة الشغل.
كما يعيب الطاعن على القرار المطعون عدم تبليغ الأمر بالتخلي فالقرار صدر في غياب أي تبليغ للأمر بالتخلي طبقا لمقتضيات قانون المسطرة المدنية بهذا الشأن. وخرق القواعد المسطرية الأساسية، بعدم تحضير تقرير المستشار المقرر، وعدم تلاوته أو الإشهاد على الرئيس بأنه أعفى المقرر من تلاوته وعدم معارضة العارض برغم وجوده ذلك أنه بالرجوع إلى ملف المحكمة الابتدائية وخاصة محضر الجلسة سيتبين أنه لا وجود لأي تقرير كتابي معد من طرف المستشار المقرر. ومحضر الجلسة المتعلق بمرحلة الاستئناف لا يتضمن ما يفيد إعفاء الرئيس للمستشار المقرر من تلاوة التقرير كما أنه لا يتضمن عدم معارضة الأطراف لإعفاء الرئيس للمقرر من تلاوة التقرير، خصوصا وأن القرار يشهد في حيثياته بذلك والإعفاء المشهود وقوعه غير صحيح وغير متوفر، وأن في هذا مساس بحقوق الأطراف ،ومصالحهما، وأن الإخلال بهذا الإجراء الذي يعتبر شرطا جوهريا لصحة المسطرة يؤدي إلى النقض. كما أن هذا الإغفال يعتبر مساسا بقواعد جوهرية آمرة ومساسا بحقوق الدفاع، وينبغي لذلك نقض القرار.
لكن، وخلافا لما ينعاه الطاعن على القرار المطعون فيه، فمن جهة أولى، إن صدور الأمر بالتخلي وعدم تبليغه للأطراف ليس من البيانات الواجب ذكرها في قرارات محاكم الاستئناف حسب الفصل 345 من قانون المسطرة المدنية. كما أن ذكر وقوع تلاوة التقرير أو لم تقع تلاوته بإعفاء من الرئيس ودون معارضة الأطراف، باعتباره من الإجراءات المسطرية، لا تشكل سببا للنقض إلا إذا ترتب عن خرقها ضرر للأطراف. ومن جهة ثانية، فإن كان عقد الشغل من العقود الرضائية التي تستوجب موافقة الطرفين، فإن البنود المضمنة به ترتب التزامات قانونية على كل من طرفي العقد عملا بالقاعدة العامة “العقد شريعة المتعاقدين” التي تضمنها الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود. واشتمال عقد الشغل على شرط عدم منافسة الأجير لمشغله، مع تحديد التزام الأجير من حيث الزمان والمكان يجعل منه مصدرا قانونيا، ويكون الأجير عند إخلاله بهذا الشرط وهذا الالتزام باشتغاله لدى شركة منافسة مسؤولا مسؤولية عقدية. والثابت من خلال وثائق الملف، أن الطالب التزم بمقتضى عقد العمل المبرم بينه وبين مشغلته -المطلوبة في النقض- وبمقتضى الرسالة الصادرة عنه بعدم القيام بأي نشاط مماثل لنشاطها سواء لحسابه الشخصي، أو لحساب الغير لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات داخل شعاع 300 كلم عن مدينة الدار البيضاء. في حالة انتهاء علاقة الشغل بينهما. كما التزم في حالة خرقه لشرط عدم المنافسة بأن يؤدي لها تعويضا يعادل أجرة سنتين من العمل تحتسب على أساس آخر أجرة توصل بها والمحكمة لما ثبت لها إخلال الطالب بالتزامه التعاقدي، واشتغاله مباشرة بعد انتهاء عقد عمله مع المطلوبة لدى شركة منافسة لها، وقضت عليه بالتعويض المتفق عليه في العقد، فإن قرارها وفق ما انتهى إليه يكون مرتكز على أساس قانوني سليم، وغير خارق لأي مقتضى قانوني.
وحيث إنه من جهة ثالثة، فإن ما تمسك به الطالب من حرق الفصل 264 من قانون الإلتزامات والعقود لم يسبق له إثارته أمام قضاة الموضوع وتمت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وهو ما لا يجوز قانونا لاختلاط الواقع فيه بالقانون، فهو غير مقبول.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب.
و به صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيسة الغرفة السيدة مليكة بنزاهير رئيسة، والمستشارين السادة عتيقة بحراوي مقررة، وأنس لوكيلي والعربي عجابي وعمر التيزاوي أعضاء، وبمحضر المحامي العام السيد علي شفقي، وبمساعدة كاتب الضبط السيد سعيد احماموش.